عنوان الفتوى : حكم قول: إن الطبيب لديه صفة من صفات الله.
كنا في محاضرة بكلية الطب، وقال الدكتور: إن الطبيب لديه صفة من صفات الله -عز وجل-. هل يجوز قول مثل هذا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يسوغ إطلاق القول بأن: (الطبيب لديه صفة من صفات الله عز وجل) لما في اللفظ من نكارة.
فإن أصل تسمية المعالج طبيبًا، وإن كان لا يحرم، إلا إنه قد ورد ما يدل على كراهته.
فعن أبي رمثة قال: انطلقت مع أبي وأنا غلام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له أبي: إني رجل طبيب، فأرني هذه السلعة التي بظهرك، قال: "وما تصنع بها؟" قال: أقطعها، قال: "لست بطبيب، ولكنك رفيق، طبيبها الذي خلقها" رواه أحمد وأبو داود.
وبوَّب عليه أبو نعيم الأصفهاني في كتابه «الطب النبوي» باب: (كراهية أن يسمى طبيبا).
وقال القسطلاني في إرشاد الساري: الطبيب: الحاذق في كل شيء، وخص به المعالج في العرف، لكن كره تسميته بذلك؛ لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أنت رفيق، الله الطبيب" أي أنت ترفق بالمريض والله الذي يبرئه ويعافيه. اهـ.
وقال ابن حمزة الحسيني في «البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف»: وَفِي الحَدِيث كَرَاهِيَة تَسْمِيَة المعالج طَبِيبا. اهـ.
وقال السهارنفوري في «بذل المجهود في حل سنن أبي داود»: فيه كراهة تسمية المعالج طبيبًا؛ لأن العارف بالآلام والأمراض في الحقيقة هو الله -سبحانه وتعالى- وهو العالم بأدويتها، وشفائها، وهو القادر على شفائه دون دواء. اهـ.
وقال ابن القيم في «زاد المعاد»: كان -صلى الله عليه وسلم- يكره أن يستعمل اللفظ الشريف المصون في حق من ليس كذلك ... ومن ذلك نهيه للمملوك أن يقول لسيده أو لسيدته: ربي وربتي، وللسيد أن يقول لمملوكه: عبدي. ولكن يقول المالك: فتاي وفتاتي، ويقول المملوك: سيدي وسيدتي، وقال لمن ادعى أنه طبيب: «أنت رجل رفيق، وطبيبها الذي خلقها». اهـ.
فإذا كان هذا في أصل تسيمة المعالج طبيبًا، فكيف بإطلاق القول بأن: (الطبيب لديه صفة من صفات الله عز وجل)؟!
والله أعلم.