عنوان الفتوى : حكم قول: نار جهنم أهون علي من فراقك
ما حكم قول أحدهم في الشعر: نار جهنم أهون علي من فراقك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة من المبالغات التي لا تنبغي، ولا يجوز ذكرها، سواء في الشِّعر، أو في غيره؛ لما قد تدل عليه من الاستهانة بعذاب الله تعالى، وكونه أهون من فراق المحبوب، فعذاب الله بالنار هو أشد شيء، وأفظعه، ولا يكافئه شيء من أنواع البلايا، والمنغصات التي يجدها الإنسان في الدنيا، وتطيش معه العقول، ويذهل معه الشخص عن كل خير ونعيم ذاقه في حياته، وقد روى مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ.!
وقد كان الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- يتحاشون سماع الأشعار المتضمنة معانٍ تأباها الشريعة، وتمنع منها، فقد روى البخاري في كتابه الأدب المفرد: عن خالد بن كيسان، قال: كنت عند ابن عمر، فوقف عليه إياس بن خيثمة، قال: ألا أنشدك من شعري يا ابن الفاروق؟ قال: بلى، ولكن لا تنشدني إلا حسنًا، فأنشده حتى إذا بلغ شيئًا كرهه ابن عمر، قال له: أمسك.
وذهب مرة عثمان بن مظعون -رضي الله تعالى عنه- إلى مجلس من مجالس قريش ينشدهم فيه لبيد بن ربيعة الشاعر، فقال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل ـ فقال عثمان: صدقت، قال لبيد: وكل نعيم لا محالة زائل ـ قال عثمان: كذبت؛ نعيم الجنة لا يزول. رواه ابن إسحاق في السيرة.
وقد قدمنا في الفتوى: 63649تحريم الطرائف، والنكت التي تتضمن الاستهزاء بالنار وعذابها.
والله أعلم.