عنوان الفتوى : أصدقاء السوء بين النصح والقطيعة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

عمري خمسة عشر عامًا، وما إن دخلت المرحلة المتوسطة حتى تعرفت على ثلاثة أصدقاء، وفي البداية كانوا طيبين، ولكنهم تغيروا بعد فترة قصيرة، فأصبحو يتنمرون، ويذمون، ويضحكون على الناس، وعلى الأساتذة.
وأحدهم يدخن، ويكلم النساء -والعياذ بالله-، والآخر يدخن، والثالث يحب التنمر، والنميمة شيء مشترك بينهم، وبدأت أنجرف معهم.
وقبل فترة قصيرة استيقظت لما كنت أفعل، وعدت لصلاتي، وعبادتي، وابتعدت عنهم قليلا، وقررت أن أعود وأنصحهم، فنصحتهم، وجئتهم بآيات من القرآن، فأخذوا يستهزؤون، فهل أبقى على نصحهم؟ أم أتركهم؟
وشكرا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على حرصك على الاستقامة، وغيرتك على حدود الله تعالى، ونرجو أن تكون ممن قال عنهم النبي -صلى الله عليك وسلم- في السبعة الذين يظلهم الله في ظله:.. وشاب نشأ في عبادة ربه.

واحرص على مصاحبة الصالحين الذين يذكرونك بالله، ويعينونك على طاعته؛ فللصحبة أثر قوي على دين الشخص وخلقه، ففي سنن أبي داود عن أبي سعيدِ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تُصَاحِبْ إلا مُؤْمِنًا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إلا تَقيٌّ.

وفي مسند أحمد، وسنن أبي داود، والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: على دين خليله، أي على عادة صاحبه، وطريقته، وسيرته، فلينظر، أي فليتأمل، وليتدبر من يخالل، من المخالة، وهي المصادقة، والإخاء، فمن رضي دينه وخلقه؛ خالَلَـهُ، ومن لا؛ تَجَنَّبَه، فإن الطباع سراقة، والصحبة مؤثرة في إصلاح الحال وإفساده. انتهى.

وقد أحسنت بنهي هؤلاء الزملاء عن المنكر، وأمرهم بالمعروف، وإسداء النصيحة لهم؛ فالدين النصيحة؛ والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ واجب وفق الضوابط الشرعية المبينة بالفتوى: 36372.

فداوم على النصيحة لزملائك، ما لم يكن عليك ضرر في دينك، أو دنياك، واحرص على آداب الشرع في النصيحة كالإخلاص لله، والعلم الصحيح، والرفق والحلم. وراجع الفتوى: 13288.

أمّا إذا كان في نصيحتك لهم ضرر على دينك، أو دنياك؛ فاترك نصيحتهم، ولا حرج عليك في هجرهم بالكلية.

قال ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ، أَوْ يُوَلِّدُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ، فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ وَبُعْدِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ. انتهى.

والله أعلم.