عنوان الفتوى : لا حرج في هَجْر من تضر مخالطته
لديَّ صديقة أسلمت منذ سنين كثيرة، وهي تقول إن أشياء كثيرة سيئة حصلت لها في حياتها من المسلمين وغيرهم، وتتصرف كالضحية، وتدعي أمراضا جسدية ونفسية. ومنذ فترة أراها تبتعد عن الدين، ولاحظت أنها لا تقبل نصح بقية المسلمين حولها، وتتهجم عليهم، ونصحهم كثيرا ما يزيدها سوءا، فقلت في نفسي لعلها تحتاج إلى صديقة، ومؤخرا عرفت أنها تقترف ذنبا كبيرا جدا، وخشيت الفتنة في ديني لو بقيت صديقة لها، حيث عندها بعض الشبهات، والأفكار الغريبة في الدين. وتقريبا كل المسلمين اعتزلوها، والآن تركتها، ولكنني أخشى أن هذا قد يتسبب في تركها الإسلام لو خالطت العصاة، أو الكفار، وكما قلت أخاف على ديني، وهي كما قلت النصح قد يزيدها سوءا، أو تهجما عليَّ. فهل أنا مسؤولة عن ما قد تفعل بعد أن قطعت صداقتي بها، لو هي تركت الإسلام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دامت مخالطة تلك المرأة تضركِ؛ فلا حرج عليكِ في قطعها.
قال ابن عبد البر –رحمه الله- في التمهيد: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ، وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ، أَوْ يُوَلِّدُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ، أَوْ دُنْيَاهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ، وَبُعْدِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ، خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ. انتهى.
وخوفكِ عليها من الانحراف والضلال؛ لا يوجب عليك تعريض نفسك للضرر في دينك، ففي سنن ابن ماجه عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا ضرر، ولا ضرار.
قال الزركشي -رحمه الله- في شرحه على مختصر الخرقي: لأن القاعدة أن الإنسان لا يلزمه أن يضر نفسه لنفع غيره. انتهى.
لكن ينبغي أن تلتمسي لها بعض الصالحات لينصحوا لها.
والله أعلم.