عنوان الفتوى : هل الامتناع عن النفقة بعد نكران الجميل يدل على أنها كانت لغير وجه الله؟
رجل ينفق على أقاربه المحتاجين وسواهم، كثيراً، ويَحُلُّ لهم بعض مشاكلهم، ولا يرد سائلاً، وهو معروف بكرمه، وقد آتاه الله مالاً كثيراً.
لكن قبل مدة اختلف مع بعض أقاربه؛ فانقلبوا عليه، وأنكروا أنه قد ساعدهم بمال؛ فقرر التوقف عن الإنفاق عليهم. فقال بعض الناس إن توقفه هذا هو من باب المعاملة بالمثل، فقد أساؤوا إليه وتنكروا له، وله الحق في ألا يواصل نفقته عليهم. وقال بعضهم إن توقفه هذا يدل على أن فعله معهم لم يكن لوجه الله، إذ لو كان لله لم يتوقف بسبب خلاف بينهم.
فهل القول الأخير صواب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا القول الأخير بصواب، فالامتناع عن النفقة بعد الإساءة ونكران الجميل لا يقتضي أن العمل السابق كان لغير وجه الله تعالى!
ومع ذلك يبقى أن الأفضل هو إعانة الأقارب المحتاجين، حتى ولو أنكروا الجميل، أو أساؤوا في مجازاته.
ويدل على ذلك قصة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- حينما أقسم على ألا ينفع مسطحا بشيء، بعد أن خاض مع الخائضين في عرض أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-
وهذا ثابت في حديث الإفك، حينما نزلت براءة أم المؤمنين عائشة في سورة النور، قال أبو بكر - وكان ينفق على مسطح؛ لقرابته منه وفقره-: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة. فأنزل الله عز وجل: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:22}، فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: لا أنزعها منه أبدا. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.