عنوان الفتوى : ضوابط بيع المرابحة الشرعية
أعمل في جمعية خيرية، وكنا نرغب في شراء مولد كهربائي للمكتب عبر التمويل البنكي، وذلك لكثرة انقطاع الكهرباء.
فذهبنا إلى شركة تبيع هذه المولدات، وتفاوضنا معها على السعر، وأحضرنا فاتورة للبنك؛ فقام البنك بالتمويل بعمل عقد بيننا وبين البنك بزيادة عن السعر الذي في الفاتورة، بنسبة 16 % واستخرج الشيك للشركة.
وأيضا قام البنك بخصم مبلغ من حسابنا كخدمات للبيع، غير مذكور في العقد، وأرسل البنك مندوبا للشركة لتسليم الشيك، ومن ثم تم استلام المولد من الشركة لمكتبنا مباشرة، دون أن يدخل هذا المولد مخازن البنك. وبعد ذلك طلبت منا الشركة دفع ضريبة المشتريات -ضريبة القيمة المضافة- وهي تعادل نسبة 17% من قيمة المولد، فقمنا باستخراج شيك باسم الشركة بقيمة الضريبة.
هل عقد المرابحة هذا صحيح؟
هل هذا التعامل صحيح، أم هذا يدخل في صيغ ربوية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع المرابحة للآمر بالشراء إنما يجوز بشرط انضباط العقد بالضوابط الشرعية، وأهمها أن يمتلك المأمور بالشراء -البنك- السلعة محل العقد ملكا حقيقيا، ويقبضها قبل بيعها للآمر -الجمعية- بحيث يقع ضمانها قبل البيع الثاني على المأمور بالشراء، كما تقع عليه أيضا تبعة الرد بالعيب الخفي، ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم.
كما يجب أن يكون لكل من الآمر والمأمور بالشراء -أو أحدهما على الأقل- خيار التراجع عن العقد قبل البيع الثاني.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الوفاء بالوعد، والمرابحة للآمر بالشراء:
أولاً: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعاً، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي، ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه
...
ثالثاً: المواعدة - وهي التي تصدر من الطرفين - تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز؛ لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي عن بيع الإنسان ما ليس عنده. اهـ.
وجاء في المعيار الخاص بالمرابحة، من المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية:
- لا يجوز أن تشــتمل وثيقة الوعد، أو ما فــي حكمها على مواعدة ملزمة للطرفين (المؤسسة والعميل).
- يحرم على المؤسســة أن تبيع ســلعة بالمرابحة قبل تملكها لها. فلا يصح توقيع عقــد المرابحة مع العميل قبل التعاقد مع البائع الأول لشــراء الســلعة محل المرابحــة، وقبضها حقيقة أو حكما بالتمكين، أو تســليم المســتندات المخولة بالقبض. كما يعتبر بيع المرابحة غير صحيح إذا كان عقد الشــراء الأول باطلا لا يفيد ملكا تاما للمؤسسة.
- يجب التحقق من قبض المؤسســة للســلعة قبضــا حقيقيا أو حكميا، قبل بيعها لعميلها بالمرابحة.
- الغرض من اشتراط قبض الســلعة هو تحمل المؤسسة تبعة هلاكها، وذلك يعني أن تخرج السلعة من ذمة البائع وتدخل في ذمة المؤسســة. ويجب أن تتضح نقطة الفصــل التي ينتقل فيها ضمان الســلعة من المؤسســة إلى العميل المشتري، وذلك من خلال مراحل انتقال السلعة من طرف لآخر.
- لا يجوز للمؤسســة اعتبار عقد المرابحة مبرما تلقائيا بمجرد تملكها، كما لا يجوز لها إلزام العميل الآمر بالشــراء بتســلم السلعة وسداد ثمن بيع المرابحة في حالة امتناعه عن إبرام عقد المرابحة. اهـ. باختصار.
وتنزيل هذه الضوابط على الواقعة محل السؤال يحتاج إلى الوقوف على الخطوات والإجراءات التي تمت فيها.
ولكن لم يظهر من السؤال ما يدل على أن البنك اشترى المولد لنفسه أولا، ثم باعه للجمعية بعد ذلك، ويدل على ذلك أن الجمعية استلمت المولد من الشركة مباشرة دون ذكر ما يفهم منه قبض البنك له، لا حقيقة ولا حكما.
فلم يذكر السؤال أن مندوب البنك استلم المولد وقبضه، ثم حصل بعد ذلك البيع على الجمعية، وإنما ذُكر أنه سلم الشركة الشيك! حتى إن الشركة لم تطلب بعد ذلك ضريبة القيمة المضافة من البنك، وهو في الأصل المشتري منها، بل طلبته من الجمعية.
وإذا كان واقع الأمر مجرد أن البنك اكتفى بإخراج شيك باسم الشركة بثمن المولد، ليستوفيه بعد ذلك بأكثر منه من الجمعية، فهذا هو الربا.
والله أعلم.