عنوان الفتوى : مبررات منع الأم لابنتها من الكلام مع خطيبها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

عمري 24 سنة، منذ سنة تمت خطوبتي سابقا، ولم يحصل نصيب، وفسخت الخطوبة بعد كتب الكتاب بشهرين، بسبب مشاكل في شخصية الشاب، وكذبه علي في العديد من الأمور الجادة مما يخص زواجنا، وموعده. المهم من حينها، وأمي تجرحني في الكلام أن الفسخ تم بسببي، وكلما جاء لخطبتي شاب مهما كان يناسبني أم لا، تفتح الموضوع نفسه، وتجرحني بالكلام، لدرجة أنني لم أتحمل هذا، وأبكي دائما، فطبيعتي حساسة، وهادئة، وأحاول أن أتحمل كلامها، ولكنه فوق طاقتي. والآن جاء لخطبتي شاب، وتمت قراءة الفاتحة بيننا على خير،
وأنا معجبة به، وأرى فيه الرجل الذي أريد الزواج به، ولكنها تبحث عن أي سبب؛ لتعسير الأمر علي، حتى أنها لا تسمح لي بالكلام معه إلا أمامها، ولا تسمح لي بالرد عليه، وحديثنا معا شبه معدوم بسببها، وأرى أن هذا الأمر يؤثر على موضوع خطوبتنا، فأبي لا يمنع المكالمات، خاصة وأن الشاب قد طلب الإذن في الحديث معي للتعارف أكثر، ولكنها كلما تراني أمامها تسمعني كلاما لا يطاق، فماذا أفعل، لا أريد أن أغضبها، ولكن لا أريد أن أخرب موضوع خطوبتي هذا.
هل من حقها التدخل في حياتي لهذه الدرجة؟ وجرحي بالكلام هكذا بسبب، وبلا سبب ؟ لم أعد أتحمل هذا.
أشيروا علي؛ لأني أستحي أن أكلم أحدا عن أمي، وأنا أحب الشاب، وأريد أن نتكلم بالحلال، وأن يتيسر أمر زواجنا هذا.
ومدة الخطوبة ستكون سنة، أو أقل قليلا، ولا أستطيع تحمل الوضع هذا لمدة سنة. أشعر بحزن شديد كل يوم، وأبكي كثيرا، وأكره العودة للمنزل، والحديث مع أمي في أي أمر؛ لأن أسلوبها سيء معي، ودائما تستصغرني، وتعيبني، أريد أن أعيش حياتي بما يرضي الله.
إنني أعمل، وعملي جيد جدا، ولكن أريد الزواج، وتكوين عائلة، كيف أتعامل معها؟ وكيف أحافظ على خطيبي؟
وادعو لي أن يهدىء الله بالي، وأن ييسر أمر زواجي على خير.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يشرح صدرك، ويهيّىء لك من أمرك رشدا، وييسر لك الخير حيث كان.
واعلمي أنّ حقّ أمّك عليك عظيم؛ وبرها، والإحسان إليها من أوجب الواجبات، ومن أفضل الطاعات، وأحبها إلى الله تعالى.
ولا يسقط حقّ أمّك عليك في البر، والمصاحبة بالمعروف بإساءتها إليك، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.

وعقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه، وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه، حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.
وحقّ الأمّ آكد من حقّ الأب؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك»
والأمّ مفطورة على محبة أولادها، ورحمتها بهم على وجه لا نظير له في غيرها من المخلوقين؛ فما يبدر من أمّك من الكلام، أو الفعال التي تغضبك؛ فالحامل لها عليه محبتها لك، وشدة حرصها على مصالحك، وفرط خوفها عليك، وحرصها على وضع ضوابط لمكالمتك مع الخاطب، فهو تصرف صحيح، وليس غرضه التضييق عليك، أو إفساد خطبتك؛ بل غرضها صيانتك، والمحافظة عليك؛ فاصبري على أمّك، واستعيذي بالله من نزغات الشيطان، واستعيني بالله، وجاهدي نفسك على برّها، وإلانة الكلام لها، وطاعتها في المعروف، وأبشري ببركة برك بها في الدنيا، والآخرة.
واعلمي أنّ الخاطب أجنبي من المخطوبة، ما دام لم يعقد عليها العقد الشرعي، شأنه معها شأن الرجال الأجانب، فليس له مكالمتها دون حاجة، وليس صحيحا أنّ سبيل التعرّف على الخاطب يكون بالاسترسال في الكلام، والمراسلة، وراجعي الفتوى: 66843.

والله أعلم.