عنوان الفتوى : جعل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- علامة على الفراغ من الأعمال

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ماحكم الصلاة على النبي- صلى الله عليه و سلم- بعد الانتهاء من الأعمال؟ مثل الطباخ بعد أن ينتهي، يقول: صلاة النبي؛ دلالة على انتهاء العمل، أو الذي يقطع ثمار النخيل بعد نزوله من النخل، يقول: صلاة النبي. فيصلون مثلا على النبي، وذلك فيه دلالة على انتهاء عملهم ذلك اليوم، أو ذلك الموسم. أو رجل يصلح سيارته، أو بَنَّاء يبني في بيت ما، فيقولونها عند انتهاء العمل. فما حكم هذا شرعا؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الصلاة على رسوله -صلى الله عليه وسلم- لغرض ما، كالإعلام بالفراغ من الأعمال، أو غير ذلك، من الأغراض المباحة دون قصد التعبد؛ قد اختلف العلماء في حكمه، فمنهم من أباحه، ومنهم من كرهه، ومنهم من حرمه.

جاء في مجمع بحار الأنوار للفتني: وسئل ابن حجر الهيتمي: جرت عادة الناس أنهم إذا أعطوا طيبا رياحين، أو غيرها، أو شموه أن يصلوا على النبي- صلى الله عليه وسلم-، أو يستغفروا الله تعالى، فهل لذلك أصل، وما حكمه؟

فأجاب بقوله: وأما الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك ونحوه، فلا أصل لها، ومع ذلك؛ فلا كراهة في ذلك عندنا، فقد قال الحليمي من أئمتنا الشافعية: وأما الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند التعجب من الشيء ما يقول الإنسان حينئذ: سبحان الله! لا إله إلا الله! أي لا يأتي بالنادر وغيره إلا الله تعالى، فلا كراهة فيه، قال: وإن صلى عليه عند الأمر الذي يستقذر، ويضحك منه، فأخشى على صاحبه؛ أي الكفر.

وفي منحة السلوك بشرح تحفة الملوك لشيخ مشايخنا البدر الحنفي: ويحرم التسبيح، والتكبير، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند عمل محرم، أو عرض سلعة، أو فتح متاع، أي كما يفعل الباعة من المصريين ونحوهم من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند عرض السلعة، وفتح آنية الأمتعة التي يبيعونها، فتأمل جزم هذا الإمام بالحرمة عند هذه الأحوال الصادقة بما في السؤال، واجتنب ذلك ما أمكنك؛ لئلا تقع في ورطة الحرمة عند هذا الإمام، وإن كان حنفيا، وأنت شافعي؛ لأنه ينبغي بل يتأكد لكل أحد الخروج من خلاف العلماء ما أمكنه؛ لأن الحق واحد في نفس الأمر على الأصح، كما قرره في محله، وقد كره سحنون من أئمة المالكية، الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- عند التعجب، وقال: لا يصلي عليه -صلى الله عليه وسلم- إلا عند الاحتساب، وطلبا لثواب، أي: والصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- عند تلك العوارض التي منها شم الطيب، أو أخذه لم يقصد لها احتساب، ولا طلب ثواب في الغالب، وإنما هو شيء اعتاده الناس غفلة عن ذلك. اهـ.

وجاء في الدر المختار وحاشية ابن عابدين: وقد كرهوا والله أعلم ونحوه ...؛ لإعلام ختم الدرس حين يقرر (قوله لإعلام ختم الدرس)، أما إذا لم يكن إعلاما بانتهائه لا يكره؛ لأنه ذكر فيه، وتفويض بخلاف الأول، فإنه استعمله آلة للإعلام ونحوه إذا قال الداخل: يا الله مثلا؛ ليعلم الجلاس بمجيئه، ليهيئوا له محلا، ويوقروه، وإذا قال الحارس: لا إله إلا الله ونحوه؛ ليعلم باستيقاظه، فلم يكن المقصود الذكر، أما إذا اجتمع القصدان، يعتبر الغالب كما اعتبر في نظائره. محيط ديناري. اهـ.

فينبغي للمسلم ألا يجعل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- علامة على الفراغ من الأعمال دون قصد التعبد بالصلاة عليه، خروجا من الخلاف.

والله أعلم.