عنوان الفتوى : الأعمال والأذكار التي يسخر الله بها الملائكة لعبده المؤمن

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما هي الأفعال، والأذكار التي تجعل الله -سبحانه وتعالى- يُسخِّر ملكاً يصاحب العبد، مثل النوم على طهارة مثلاً؟
أرجو ذكر هذه الأفعال، والأقوال، والأحوال جميعها، التي تسخر لنا ملائكة؛ لحفظنا، والدعاء لنا.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن الأذكار والأفعال التي يُسخِّر الله بها ملائكة لعبده المؤمن، ما يلي:

1) قراءة آية الكرسي عند النوم. ففي قصة أبي هريرة مع الشيطان الذي جاء ليسرق من طعام الصدقة.

وفيه: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. والقصة في صحيح البخاري.

وفي رواية، قراءة سورة من القرآن عند النوم، كما في حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ، يَقْرَأُ سُورَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، إِلَّا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا، فَلَا يَقْرَبُهُ شَيْءٌ يُؤْذِيهِ حَتَّى يَهُبَّ مَتَى هَبَّ. والحديث رواه الترمذي والنسائي في السنن الكبرى، والطبراني.

واختلف أهل العلم في الحكم على إسناده فضعَّفه بعضهم، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار.

2) ومنها أن يبيت المسلم على طهارة، ففي حديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ بَاتَ طَاهِرًا، بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا. رواه ابن حبان في صحيحه.

3) ومنها السواك عند الصلاة، وقراءة القرآن، فعن عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ- عَنْهُ أنه أمر بِالسِّوَاكِ، وقَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أَتَاهُ الْمَلَكُ فَقَامَ خَلْفَهُ، فَيَسْمَعُ الْقُرْآنَ وَيَدْنُو، فَلَا يَزَالُ يَسْتَمِعُ وَيَدْنُو حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ، فَلَا يَقْرَأُ آيَةً إِلَّا كَانَتْ فِي جَوْفِ الْمَلَكِ. رواه البيهقي في السنن الكبرى، والشعب، ورواه البزار وعبد الرزاق، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 1213.

4) ومنها قول: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" عشر مرات بعد الفجر، وبعد المغرب.

ففي الحديث: مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ عَلَى إِثْرِ الْمَغْرِبِ. بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَسْلَحَةً يَحْفَظُونَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ مُوجِبَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ مُوبِقَاتٍ، وَكَانَتْ لَهُ بِعَدْلِ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤْمِنَاتٍ. رواه أحمد والترمذي.

وفي لفظ أحمد: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، ... فَإِنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي، فَمِثْلُ ذَلِكَ. ورواه ابن حبان، وفيه: وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ. وَمَنْ قَالَهُنَّ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ دبر صلاته، فمثل ذلك حتى يصبح. اهــ مختصرا.

5) ومنها حضور حلقات الذكر؛ فإن حلقات الذكر تحفها الملائكة، ففي الحديث: لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ. رواه مسلم.

وفي الحديث الآخر: إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ فُضُلاً عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ، فَإِذَا وَجَدُوا أَقْوَامًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى بُغْيَتِكُمْ، فَيَجِيئُونَ فَيَحُفُّونَ بِهِمْ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا. رواه الحاكم وابن حبان.

6) ومنها إطالة المكث في المسجد، ففي الحديث: لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَ يَنْتَظِرُهَا، وَلَا تَزَالُ المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي المَسْجِدِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ. رواه الشيخان والترمذي واللفظ له.

فهذه بعض الأحاديث التي جاءت في فضل بعض الأعمال التي يسخر الله بها ملائكته لعبده المؤمن، إما بالحفظ والتأييد، أو الدعاء ونحو ذلك.

والله أعلم.