عنوان الفتوى : ما حكم سداد الدين النقدي بمشغولات ذهبية ودفع الدائن قيمة الزيادة؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أود السؤال عن معاملة تشتغل على سداد دين مع شراء ذهب، حيث إننى أقرضت أحد الإخوة مبلغا من المال، وليكن ١٠٠ ألف جنيها وهو غير قادر على سداده نقدا، لكن عرض علي شراء مشغولات ذهبية يمتلكها قيمتها ٣٠٠ ألف جنيه عوضا عن سداد الدين بالنقود، وعليه فعلي أن أدفع له ٢٠٠ ألف جنيه، الفارق بين ثمن الشراء وقيمة ما لدى عنده من دين، فهل تجوز مثل هذه معاملات، أم إن شرط التقابض لا يتحقق فيها؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

من كان له دين على غيره بعملة كالجنيه مثلا، جاز عند السداد-وليس قبل ذلك-أن يتفق معه على سداد الدين بعملة أخرى، أو بذهب أو فضة، بشرطين:

الأول: أن يكون ذلك بسعر يوم السداد.

الثاني: أن تتم الصفقة في المجلس، فلا يتفرقان وبينهما شيء.

والأصل في ذلك: ما روى أحمد (6239)، وأبو داود (3354)، والنسائي (4582)، والترمذي (1242)، وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: "كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ.

والحديث صححه بعض العلماء كالنووي، وأحمد شاكر، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/ 173).

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 75 (6/8) بشأن قضايا العملة، ما يلي:

" ثانياً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد" انتهى من مجلة المجمع عدد 3 جزء 3 ص 1650

ثانيا:

إذا كان ما عند المشتري من الذهب أكثر مما عليه من الدين، ورغبت في شرائه فلا حرج في ذلك، وقد اجتمع هنا عقدان:

1-مصارفة بين ما في ذمته من الجنيهات، بذهب حاضر في مجلس العقد. والمصارفة على ما في الذمة قبض، كما في حديث ابن عمر السابق ذكره.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (26/366) في صور المصارفة على الذمة: "الصورة الثالثة: اقتضاء أحد النقدين من الآخر، بأن كان لك على آخر دراهم، فتأخذ منه دنانير، أو كانت عليه دنانير فتأخذ منه دراهم بسعر يومها.

وهذا جائز عند الحنفية والحنابلة، وهو مذهب الشافعية في الجديد، بشرط قبض البدل في المجلس. وذلك لحديث ابن عمر." انتهى.

2-شراء ذهب بنقود حاضرة في مجلس العقد، وقدرها 200 ألفا.

فالقبض حاصل في الصورتين، واجتماع هذين العقدين في صفقة واحدة : لا حرج فيه.

قال النووي في "المجموع" (9/388): "إذا جمع في العقد مبيعين مختلفي الحكم، كثوبين شُرِط الخيار في أحدهما دون الآخر، أو بين بيع وإجارة، أو بيع وسلم، أو إجارة وسلم، أو صرف، أو غيره، فقولان مشهوران؛ أصحهما: صحة العقد فيهما" انتهى.

وقال ابن قدامة في "الكافي" (2/20): "فإن جمع بين عقدين مختلفي الحكم، كبيع وإجارة، أو صرف، بعوض واحد: صح فيهما، لأن اختلاف حكم العقدين لا يمنع الصحة، كما لو جمع بين ما فيه شفعة، وما لا شفعة فيه" انتهى.

وهذا فيما لو كان العوض واحدا، ومن باب أولى لو كان العوض متعددا، كخمسين جراما مقابل الدين، ومائة جرامٍ بمائتي ألف، فالعوضان هنا مختلفان.

قال الدكتور عبد الله العمراني في "العقود المركبة"، ص131: "وأما إذا كان الاجتماع غير مشروط، فإن الذي يبدو أن ذلك جائز عند كل المذاهب" انتهى.

ثالثا:

إذا اجتمع الصرف والبيع على سبيل الشرط، كما لو قال المدين: لا أعطيك ذهبا مقابل دينك إلا إذا اشتريت بقية المشغولات، فهذا مختلف فيه، والراجح جوازه لأنه لا يؤدي إلى محذور شرعي.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فالقول الصحيح أنه إذا شرط عقدا في البيع فإن الشرط صحيح والبيع صحيح إلا في مسألتين ... الأولى: إذا شرط قرضا ينتفع به، فهنا لا يحل لأنه قرض جر نفعا فيكون ربا.

الثانية: أن يكون حيلة على الربا " انتهى مختصرا من "الشرح الممتع" (8/239).

والحاصل: جواز الصورة المذكورة من سداد الدين بذهب، ودفعك مالا لشراء بقية الذهب.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...