عنوان الفتوى : الوفاء بشروط النكاح
أنا شاب عمري 26 عاما، أدرس الطب، تزوجت منذ ثمانية أشهر بفتاة ذات دين وخلق، تدرس معي في نفس المجال، واشترطتُ عليها الاقتصار في اختيار التخصص على تخصصين طب الأطفال، وطب النساء. ولكن بعد مدة انتبهت إلى كون المستشفى الجامعي الذي ستمضي فيه سنوات التخصص فيه من الاختلاط والانحلال الأخلاقي ما لا تقبله نفسي، ولا غيرتي، وأنه سيكون عليها القيام بمداومات وحراسات حضورية في المستشفى تصل إلى أسبوع.
فطلبت من زوجتي أن تكتفي بالعمل من المنزل، خصوصًا وأن هذا أصبح متاحا بفضل التكنولوجيا، لكن قوبلت بالرفض التام للفكرة منها، ومن والديها بحجة أن الاختلاط يوجد في كل مكان، وأنه كان حلمها العمل خارج المنزل، وبأنني لم أَفِ بالاتفاق الذي أجرينا قبل العقد، وأن الأمر غير قابل للنقاش؛ رغم أني بينت لهم كل الأسباب وراء هذا الطلب.
وأنا الآن ضاقت بي الأرض بما رحبت، فأنا لا أستطيع التراجع عن طلبي، ولا أريد تضييع هذه الفتاة، خصوصا أنها فتاة طيبة، وعائلتي تحبها. هل يجوز لي تطليقها إذا لم تستطع طاعتي في طلبي، خصوصا وأنه سيترتب على ذلك التباعد وعدم الألفة بيننا؟ وهل أأثم لتراجعي عن الاتفاق الذي كان بيننا قبل العقد؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنّ اشتراط الزوجة على زوجها في عقد الزواج أن تخرج للعمل؛ شرط صحيح لازم، ومعنى لزومه أن الزوج إذا أخلّ بالشرط، فمن حقّ الزوجة فسخ النكاح.
أمّا وجوب الوفاء بالشرط، فالمشهور عند الحنابلة أنّه مستحب غير واجب، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى وجوب الوفاء بالشروط.
قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: حيث قلنا بصحة شرط سكنى الدار، أو البلد، ونحو ذلك، لم يجب الوفاء به على الزوج. صرح به الأصحاب، لكن يستحب الوفاء به. وهو ظاهر كلام الإمام أحمد -رحمه الله- في رواية عبد الله. ومال الشيخ تقي الدين -رحمه الله- إلى وجوب الوفاء بهذه الشروط، ويجبره الحاكم على ذلك. انتهى.
وأمّا تطليقك لزوجتك إذا أصرت على الخروج للعمل؛ فهو جائز غير محرم، وراجع الفتوى: 93203.
لكن لا ننصحك بالطلاق، وإنما ننصحك بمعاشرة زوجتك بالمعروف، وأن تفي بالشرط، وتأذن لها بالخروج للعمل؛ إذا لم يكن في خروجها للعمل مخالفة للشرع، وكان بوسعها تجنب مفاسد الاختلاط في المستشفيات.
أمّا إذا كان في عملها مخالفة شرعية؛ كالاختلاط المريب ونحوه؛ فمن حقّك منعها من هذا العمل، ولا يلزمك الشرط الذي اشترطته عليك.
وانظر الفتوى: 460744. وللفائدة راجع الفتوى: 458179.
والله أعلم.