عنوان الفتوى : قراءة الآية كاملة ثم إعادتها والابتداء بقوله تعالى: "ما عند الله خير من اللهو..."
قرأ الإمام في الصلاة قوله تعالى: (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين)، ثم أعاد، وقال: (ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين)، فهل يجوز الابتداء بما بعد (قل) بعد أن قرأ الآية كما هي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إعادة القارئ أو المصلي لجملة: مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ {الجمعة:11}، وقراءتها دون: "قل" بعدما قرأها وما قبلها، وخاصة إذا كان ذلك لغرض صحيح، كالتدبّر، وتحصيل الخشوع بمعناها؛ لأن المعنى تام؛ فـ"ما" اسم موصول في محل رفع مبتدأ؛ فليس هو ابتداء للقراءة أصلًا؛ لأن الابتداء يكون بعد قطع القراءة، وابتداؤها من جديد، وهذا إعادة لما قرئ دون انقطاع.
والابتداء القبيح هو: الابتداء بكلام يفسد المعنى، أو يُحِيلُه، ويُغَيِّرُه. انظر غاية المريد في علم التجويد لعطية نصر.
والمعنى -كما قال أهل التفسير-: الذي عند الله من الثواب .. خير من اللهو، ومن التجارة، ومن الدنيا، وما فيها، جاء في تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعظهم بأن ما عند الله من الثواب على حضور الجمعة، خير من فائدة التجارة، ولذة اللهو.
وكذلك ما أعدّ الله من الرزق للذين يؤثرون طاعة الله على ما يُشغِل عنها من وسائل الارتزاق؛ جزاء لهم على إيثارهم، جزاء في الدنيا قبل جزاء الآخرة، فرب رزق لم ينتفع به الحريص عليه، وإن كان كثيرًا، وربّ رزق قليل ينتفع به صاحبه، ويعود عليه بصلاح، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. اهـ.
أما ترديد المصلي لآية من القرآن؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه-: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّدَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى أَصْبَحَ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {المائدة:118}. رواه ابن ماجه، والبيهقي، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي.
والأصل أن العمل في صلاة النافلة كالعمل في الصلاة المكتوبة، إلا في مسائل معدودة، نصّ عليها أهل العلم في محلّها.
والله أعلم.