عنوان الفتوى : التكّسب عن طريق بيع قواعد بيانات الطلاب للجامعات دون موافقتهم

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أجمع قواعد بيانات من مصادر مختلفة، خاصة بتلاميذ يدرسون في السنة الختامية من المرحلة الثانوية، الذي يتم بعدها مباشرة الالتحاق بالجامعات، أو المدارس، والمعاهد العليا، والتلميذ في تلك اللحظة لا تكون لديه معلومات كافية عن كل هذه المدارس، والجامعات؛ سواء الحكومية، أو الخاصة، وما توفّره من اختصاصات متعددة، وما يناسبه منها.
وقواعد البيانات التي أجمعها فيها الاسم، ورقم الهاتف، والإيميل، وبعض المعلومات الأخرى الخاصة بالدارسين، وأبيعها لمدارس خاصة؛ بغية عمل تسويق لها عبر الإيميل، أو الهاتف، للتعريف عن نفسها، وما تقدّمه من عروض خاصة بالدراسة، إضافة إلى مكاتب التوجيه المدرسي الخاصة بإكمال الدراسة في الخارج؛ بغية الترويج لعروضها الخاصة بالدراسة.
فيما يتعلق بطلب الموافقة منهم بغرض استعمال هذه البيانات، فلا توجد أية وسيلة للتواصل مع كل واحد منهم لطلب الموافقة لاستعمال بياناته؛ لأن عددهم كبير جدًّا، أو أني أجمعهم في مدة وجيزة للغاية، فهل المال الذي آخذه مقابل بيع قواعد البيانات هذه حلال؟ أم حرام؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمثل هذا العمل موضع شبهة؛ لأنه من جهة: لا يضرّ أصحاب هذه البيانات في الغالب، بل قد ينتفعون به في كثير من الأحيان عندما تصلهم الدعاية، لما يريدونه دون عناء البحث، وبها يستطيعون المقارنة بين مقدّمي الخدمات، واختيار الأفضل لهم.

ومن جهة أخرى: فهذا العمل فيه نوع تعدٍّ على خصوصية أصحاب البيانات، وقد يسبّب لبعضهم إزعاجًا، أو أذى؛ ولهذا تمنعه الجهات المختصة في بعض الدول.

ومواضع الشبهات ينبغي تجنّبها، والسلامة في البُعْد عنها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك، إلى ما لا يريبك. رواه أحمد، والترمذي، وصحّحه، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني.

وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهنّ كثير من الناس، فمن اتّقى الشبهات، استبرأ لدِينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام. رواه البخاري، ومسلم.

ويتأكّد هذا في جانب الحلال والحرام؛ فإنه إذا تعارض الحاظر والمبيح، قُدِّم الحاظر على المبيح.

ومن القواعد الفقهية المقررة: إذا اجتمع الحلال والحرام، غلب الحرام ـ قال السيوطي في الأشباه والنظائر: قال الجويني في السلسلة: لم يخرج عنها إلا ما ندر، فمن فروعها: إذا تعارض دليلان أحدهما يقتضي التحريم، والآخر الإباحة؛ قدّم التحريم في الأصح؛ ومن ثم، قال عثمان لما سئل عن الجمع بين أختين بملك اليمين: أحلّتهما آية، وحرّمتهما آية، والتحريم أحبّ إلينا... اهـ.

وقال الخادمي في بريقة محمودية: إن تعارضت الأدلة، فإن ترجّح جانب الحُرمة؛ فيجب العمل به، وإن الحِلُّ؛ فجائز العمل، والورع تركه، وإن لم يترجّح جانب؛ فجانب الحظر راجح على الإباحة. اهـ.

وعلى ذلك، فما دامت بياناتهم عندك، فما المانع من أن ترسل لهم رسالة جماعية عن طريق البريد، تتضمن إخطارهم بالأمر، وأن من لم يعترض منهم خلال فترة محددة، فإن ذلك يعتبر إذنا منه ضمنيا، وإلا تفعل ذلك؛ فالذي ننصحك به هو أن تجتنب هذا العمل، وأن تبتعد عنه.

والله أعلم.