عنوان الفتوى : المشاركة في البحوث العلمية عن دور الاستبراء في منع سرطان البروستاتا

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا طالب في كلية الطبّ، وأشارك كثيرًا في الأبحاث العلمية؛ لما لها من دور في تطوّر الممارسات الطبية والأطباء، وقد أتيحت فرصة للمشاركة ببحث عن دور الاستبراء في منع سرطان البروستاتا، فهل هناك حرج، أو إثم شرعيّ من المشاركة، مع معرفتي أن بعض أهل العلم قد قال: إن الاستبراء بدعة، ولم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ندري عن أي استبراء تتحدّث، ومن الذي قال: إنه بدعة؟

والاستبراء يستعمل في معنيين:

أولهما: في الطهارة من الخارج من السبيلين.

والثاني: في استبراء الرحم من الحمل.

ولا أحد من أهل العلم قال ببدعية أحدهما فيما نعلم، جاء في الموسوعة الفقهية: وَأَمَّا الاِسْتِبْرَاءُ، فَهُوَ يَأْتِي بِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا هُوَ: تَعَرُّفُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، أَيْ: طَهَارَتُهُ مِنْ مَاءِ الْغَيْرِ. وَهُوَ حَيْثُ لاَ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ عِدَّةٌ، وَأَحْكَامُهُ مُفَصَّلَةٌ فِي مُصْطَلَحِهِ.

وَالْمَعْنَى الآْخَرُ هُوَ: طَلَبُ نَقَاءِ الْمَخْرَجَيْنِ مِمَّا يُنَافِي التَّطَهُّرَ، وَتَفْصِيل أَحْكَامِهِ فِي مُصْطَلَحِ (قَضَاءِ الْحَاجَةِ). اهــ.

وفيها أيضًا: وَفِي الاِصْطِلاَحِ: يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ:

الْمَعْنَى الأوَّل: الاِسْتِبْرَاءُ فِي الطَّهَارَةِ، وَهُوَ: إِزَالَةُ مَا بِالْمَخْرَجَيْنِ مِنَ الأْذَى.

الْمَعْنَى الثَّانِي: الاِسْتِبْرَاءُ فِي النَّسَبِ، وَهُوَ: تَرَبُّصُ الأمَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ حُدُوثًا، أَوْ زَوَالًا لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، أَوْ لِلتَّعَبُّدِ. اهــ.

وإن كنت تعني بالاستبراء سَلْتَ الذكر ونَتْرَه، أو عصره بعد التبوّل، فقد ذكرنا في الفتوى: 20810، أن من أهل العلم من قال: إنه بدعة، وقال بعضهم: يختلف الحكم باختلاف الأشخاص، كما ذكرناه عن النووي في تلك الفتوى.

ولا حرج عليك في المشاركة في البحوث العلمية في هذا.

وإن كنت تسأل عن استبراء الرحم من الحمل؛ فهذا متفق عليه بين الفقهاء في الجملة، وإن اختلفوا في بعض صوره، وهل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب، جاء في الموسوعة: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى الاِسْتِبْرَاءِ فِي الْحُرَّةِ، عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَفِي الأْحْوَال الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا.

فَفِي الْمَزْنِيِّ بِهَا، اسْتِبْرَاءٌ عَلَى سَبِيل الْوُجُوبِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مَا نُقِل عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَنُقِل عَنْهُ الاِسْتِحْبَابُ، كَالْمَنْقُول عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ.

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ: بِأَنَّهُ إِنْ عَلَّقَ طَلاَقَ امْرَأَتِهِ عَلَى وُجُودِ حَمْلٍ بِهَا، فَتُسْتَبْرَأُ نَدْبًا، أَمَّا إِنْ عَلَّقَهُ عَلَى أَنَّهَا حَائِلٌ (غَيْرُ حَامِلٍ)، فَتُسْتَبْرَأُ وُجُوبًا.

وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِطَلَبِ الاِسْتِبْرَاءِ فِي صُورَةٍ مِنَ الْمِيرَاثِ، فِيمَا إِذَا مَاتَ وَلَدُ الزَّوْجَةِ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ سَابِقٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْوَلَدِ أَصْلٌ أَوْ فَرْعٌ وَارِثٌ؛ فَإِنَّهُ تُسْتَبْرَأُ زَوْجَتُهُ؛ لِتَبَيُّنِ حَمْلِهَا مِنْ عَدَمِهِ؛ لِمَعْرِفَةِ مِيرَاثِ الْحَمْل.

كَمَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ اسْتِبْرَاءِ الْحُرَّةِ الَّتِي وَجَبَ عَلَيْهَا إِقَامَةُ الْحَدِّ، أَوِ الْقِصَاصِ؛ نَظَرًا لِحَقِّ الْحَمْل فِي الْحَيَاةِ. اهــ.

وعلى كل حال؛ فلا حرج عليك في المشاركة في البحوث العلمية الخاصة بالاستبراء، سواء ما كان في باب الطهارة، أم ما كان في باب براءة الرحم من الحمل، ولتحرِصْ على إبراز دور الشريعة وإعجازها فيما جاءت به من التشريعات.

والله أعلم.