عنوان الفتوى : أفعال العوام إذا وافقت قولًا معتبرًا
أنا طالبة طب، وأقوم هذه الأيام بالممارسة في مستشفى لتعلّم أفعال التمريض، وقد لاحظت كثرة استعمال الكحول في التعقيم قبل الحقن -لتخفيف الألم، وغيره-، وهذا ما فتح بابًا من الوساوس.
أعرف أن الكحول مختلف في نجاستها، لكن هل يجب إخبار المرضى بغسل أيديهم من الكحول، إذا كنت أرى طهارتها؟ فهذا فيه حرج كبير ومشقة، فعملي هو حقن الدواء، وليس الفتوى، فلا يمكنني أن أخبر كل مريض أن نجاسة الكحول مسألة خلافية، وأشرح له أقوال العلماء، وفي نفس الوقت لا يمكنني إخبارهم بغسل أيديهم دون شرح المسألة؛ لأنني لن أقوم بالفتوى أبدًا؛ فأخشى أن يكون طاهرًا؛ فأكون حرّمت حلالًا، أو العكس، والمقصود أنني إما أن أشرح لهم أن المسألة خلافية، وأترك لهم حرية الاختيار، وإما أن أسكت؛ فأقلّ أحوالي أنني فاسقة.
أنا في حيرة من أمري، فعندما أفكّر أجد أن حال المرضى لا يخلو من حالين: إما أن يكون عالمًا بالمسألة، ويتّبع قولًا معينًا، وإما أن يكون جاهلًا بالمسألة، وفي كلا الحالتين لا جناح عليه؛ وأنا عملي أن أعطيه الدواء، لا أن أعلّمه شؤون دِينه، فأرجو الإفادة في هذا الموضوع.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن طهارة الكحول قول معتبر، قال به جمع من العلماء، كما سبق في الفتوى: 420430.
فلا يجب عليك أمر المرضى بغسل أيديهم من الكحول.
وأفعال العاميّ محمولة على الصحة والسّداد، إذا وافقت قولًا معتبرًا، وإن لم يقصد تقليده، جاء في الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية لعلوي السقاف: قال السيد عمر في الحاشية نقلًا عن فتاوى ابن زياد: إن العاميّ إذا وافق فعله مذهب إمام يصحّ تقليده؛ صحّ فعله -وإن لم يقلّده-؛ توسعةً على عباد الله تعالى ...
وعن البدر الإمام حسين بن عبد الرحمن الأهدل: إن جميع أفعال العوام -في العبادات، والبيوع، وغيرها مما لا يخالف الإجماع- على الصِّحة والسَّداد، إذا وافقوا إمامًا معتبرًا، على الصحيح. اهـ. وراجعي في علاج الوسوسة الفتوى: 271810.
والله أعلم.