عنوان الفتوى : التوبة من الحلف بالله أو بالمصحف كاذبًا متعمّدًا
هل الحلف بالله كذبًا، والحلف على القرآن الكريم بغير علم من الكبائر؟ وكيف أتوب منه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن حلف بالله كاذبًا متعمّدًا، وقع في ذنب كبير، ويزداد الأمر شناعة إن كان يؤكّد يمينه بالله بحلِفه على المصحف، وقد عدّ النبي صلى الله عليه وسلم اليمين الغموس من الكبائر، حيث قال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس. أخرجه البخاري، وغيره، من حديث عبد الله بن عمرو.
واليمين الغموس لا تُكفَّر عند جمهور العلماء؛ لعِظَم إثمها، وإنما يلزم صاحبها التوبة فقط، فقد أخرج الحاكم بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نعدّ الذنب الذي لا كفارة له: اليمين الغموس.
وذهب الشافعية إلى أنها تُكفَّر.
ولعل الأحوط فيها للمرء أن يجمع بين التوبة منها، وأداء كفارة اليمين.
وكفارة اليمين هي المبينة في قوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}.
والتوبة النصوح تمحو ما قبلها، كما قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طـه:82}، وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وفي رواية: الندم توبة... رواه ابن ماجه، وغيره.
والحلف بالمصحف بذاته يمين منعقدة، كما نصّ عليه خليل في مختصره، فقال: وبالقرآن، والمصحف. انتهى.
ونصّ عليه ابن قدامة في المغني، ونسبه لعامّة أهل العلم، وقال صاحب المبدع: وإن حلف بكلام الله، أو بالمصحف، أو بالقرآن؛ فهو يمين في قول عامّتهم. انتهى.
والله أعلم.