عنوان الفتوى : ليس للبائع الإعراض عن طلب المشتري رد السلعة لعيوب مؤثرة فيها

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

أعتذر مقدما عن الإطالة، ولكني حريص أن تصلكم مسألتي بشكل دقيق للحصول على الفتوى المناسبة.
لديّ سيارة أعتني بها جيدا. أعطاها لي الوالد منذ ثلاث سنوات تقريبا. السيارة عمرها عشر سنوات. كنت أحافظ عليها وأعتني بإجراء الصيانات الدورية اللازمة لها في أوقاتها، وفي مركز الصيانة الخاص بالتوكيل، وليس عند أي حرفي أو ميكانيكي، رغم غلاء الأسعار لضمان الجودة.
عرضت سيارتي منذ عشرة أيام تقريبا للبيع. كتبت في الإعلان كافة التفاصيل المهمة. ولكني أغفلت "عمدا" نقطتين لم أظن أنهما ذواتا أهمية عن حالة السيارة.
النقطة الأولى: أن السيارة تعرضت لحادث منذ عشر سنوات في بداية امتلاكها على يد الوالد، ولكنها لم تكن حادثة كبيرة تؤثر على السيارة على مدار السنوات السابقة من الاستخدام. وعلما أنه تم صيانة التلفيات الناجمة عن الحادث في مركز الصيانة الخاص بالتوكيل الرسمي، لذا تم مراعاة أن السيارة تعود كالجديدة تماما في أحسن حال. وللعلم، هذا الحادث كان من الخلف، وتطلب تغيير بعض الأجزاء، وقد تم ذلك في التوكيل مع عدم استخدام قطع غيار غير أصلية أو غير مطابقة. والحادث لم يكن جسيما، حتى أن الزجاج الخلفي لم يتأثر، كذلك حوض السيارة الذي نحتفظ بالإطار الإضافي بداخله.
النقطة الثانية: هي أن السيارة تعرضت لحادث سرقة، وبفضل الله رجعت بعد فترة من البحث عنها، وهي في حالة جيدة.
جدير بالإشارة، أني قبل بيع السيارة بأسبوع، قمت بعمل صيانة أخيرة لها بقيمة 4000 جنيه مصري في التوكيل. مقابل صيانة دورية 140 ألف كيلو رغم أن السيارة لم تبلغ ال 140 ألفا بعد، ولكن حرصا مني أن أبيعها وهي في أبهى صورها، ولضمان أن المشتري يتمتع بها أطول فترة دون الحاجة لإجراء أية إصلاحات، أو أن يظن أني قد قمت ببيع سيارة معيبة.
قمت بعرض السيارة بالفعل مقابل 195 ألف جنيه مصري. تواصل معي شخص، واتفقنا على مبلغ 190 ألفا بدلا من 195 ألفا.
قام بالحضور للمنزل، وقمنا باستضافته بعد أن قام بمعاينة العربية جيدا. حيث قام بالكشف على الجسم الخارجي للسيارة والطلاء. كما أنه قام بالكشف عليها من الأسفل. لكنه وجد أن هناك طلاء خارجيا لم أكن قد أعلمته به (لعدم علمي به). وبعد البحث، تبين أن والدي هو من قام بذلك الطلاء لمعالجة بعض الخدوش السطحية. ولكن المشتري أصر على تخفيض سعر السيارة لتصبح 180 ألفا بدلا من 190 ألفا المتفق عليها. حيث يرى أن الطلاء سيجعل سعرها السوقي ينخفض.
تم الاتفاق، ولم نعارض. أنا طبيب ولست بتاجر، ولا أبرع في التجارة. قمنا بكتابة عقد، ثم تسجيل العقد، وإكمال الأوراق اللازمة.
بعد خمسة أيام من بيع السيارة، قام المشتري بالتواصل معي حتى يعيد السيارة. حيث إنه يدعي أنه عند زيارة أحد أصدقائه التجار، أبلغه أنها قد تعرضت لحادث جسيم، وأن نصف السيارة الخلفي متغير. هذا بالطبع غير حقيقي، وأبديت اعتراضي على ذلك، وطلبت منه الكشف عند متخصص، وقد كان. وجد المشتري أن السيارة لم يتغير منها النصف الخلفي، ولكن هناك بعض الإصلاحات التي قد أشرت لها في بداية الموضوع، ولكن المشتري يزعم أن تلك الإصلاحات تخفض من القيمة السوقية للسيارة، ويعتبرها التجار "تغيير نصف خلفي".
الوضع الآن كالآتي: يعرض علينا المشتري حلًّا من اثنين:
1- أن يعيد السيارة، وأن نرد له المبلغ ناقصا 20 ألف جنيه مصري كتعويض لنا.
2- أن يحتفظ بالسيارة على شرط أن ندفع له 20 ألف جنيه مصري كتعويض له.
السؤال هو: هل عليا إثم فيما فعلت حتى الآن؟ وهل عليَّ إثم إذا لم أذعن لمطالب المشتري، ورفضت الحلول المطروحة؟
شكرا جزيلا، ومتأسف على الإطالة.
جزاكم الله كل خير.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبداية ننبه إلى أنّ مسائل الخصومات لا تصلح فيها الفتوى، ولكن محلها القضاء للفصل فيها.

ومن حيث الحكم الشرعي عموما؛ فإنّه لا يجوز للبائع كتمان عيوب المبيع التي ينقص بها الثمن، أو يفوت بها غرض صحيح للمشتري، وراجع الفتوى: 429403.

وإذا اختلف البائع والمشتري في كون العيب مؤثرا، أو غير مؤثر؛ فالمرجع في ذلك إلى أهل الخبرة والاختصاص.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: تواردت نصوص الفقهاء على أن المرجع في كون العيب مؤثرا (أي مؤديا إلى نقصان القيمة، وكون الأصل في جنس المبيع عدمه إلى أهل الخبرة بذلك. انتهى.

وإذا كنت بعت السيارة، وأنت ترى أنّك لم تكتم العيوب المؤثرة؛ فلست آثما -إن شاء الله-، وأمّا عن حكم إجابتك لطلب المشتري، أو إعراضك عنه؛ فإنّه يتوقف على معرفة كون العيوب المذكورة مؤثرة، أو غير مؤثرة؛ فإن شهد أهل الخبرة بكون العيوب مؤثرة؛ فلا يجوز لك الإعراض عن طلب المشتري، ويجب عليك إجابته إلى رد السيارة، أو تعويضه عن العيوب بمبلغ من المال يقدره أهل الخبرة، أو تتفقان عليه.

وفي حال الرد بالعيب، فليس لك حق في شيء من الثمن، بل ترده كله إلى المشتري، إلا إذا كان المشتري رضي بالعيب بعد علمه به، فيكون ذلك رضى منه بالسيارة. فإذا قبلتَ أنت رجوعها كان ذلك من قبيل الإقالة يجوز لك فيها أخذ عوض، كما بينا ذلك في الفتوى: 134262.

والله أعلم.