عنوان الفتوى : تشاؤم الرجل من زوجته بسبب مشاكل في حياته بعد الزواج
امي بحثت واختارت لي زوجه وسألت الام و الزوجه هل تعرف الطبخ قالوا بكل تأكيد والحمدلله تزوجت قبل ثمانيه أشهر زواج تقليدي تعرفت على زوجتي اول مرة يوم العرس إلى الآن وزوجتي لا تعرف الطبخ على الرغم ان اختي وامي يحاولين جاهدا يعلمونها الطبخ و المقادير لكن للأسف لم تتعلم . الاكل الذي تطبخ إلى القمامة وزوجتي ما زالت إلى الآن لا تعرف كم المقادير الاكل ولا الطباخة وأيضا عندها مشكله انها ينطبق عليها هذه الصفات الثلاث الانانه والمنانة الشداقة انا بصراحه تعبت من الاكل الذي تطبخه لا استطيع ان اكله وغالبا اخرج المطعم للأكل . لكن من يوم ما تزوجت و العمل عندي شبة متوقف و خصوصا اخر خمسة أشهر و المحل اتغلق بعد الزواج بشهر وفتحته من قبل المحكمة بسبب ناس حاقدين في مجال عملي و قبل ثلاثة أشهر قاموا بإغلاق المحل والى الان لم أستطع ان افتحه استغفر الله العظيم ولا أعلم لماذا كل ما احاول عمل اي شيء اتحلبط وكل الأمور تتعقد ولا يوجد عمل بالرغم بأنه لله الحمد والشكر يوجد لدى بضاعة. و اصلى واقراء قرآن واستغفر واكثر من الدعاء. اعلم ان الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى لكن اراجع نفسي و اقول هل زوجتي دبور و يجب على تغير باب البيت مثل ما أتى في قصة اسماعيل عليه السلام
الحمد لله.
أولًا:
أخي الكريم لا يخفاك أنّ كثيرا من المشاكل الاجتماعية يحتف بها أسباب قد لا تكون ظاهرة أمامنا في السؤال، وإنما يتم تلمسها من خلال بعض ما يطرح في الاستشارة والسؤال.
وبداية: اعلم أن ما حصل لك من تلك المشكلات الوظيفية والمالية لا يظهر أن له اتصالا، أو علاقة سببية بزواجك من تلك الفتاة، فربما كانت هناك أسباب كثيرة أخرى لم تفطن لها، وربما كانت كفارة لسيئاتك، أو رفعة لدرجاتك، وقد يكون امتحانا لك ليرى الله هل ترضى وتصبر وتحتسب؟ أم تسخط وتضجر؟ أو أن الله يهيئك لما هو خير منها.
وقد قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ البقرة/216.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ رواه مسلم (2999).
وأما الربط بين تلك الإخفاقات، وبين زواجك من تلك الفتاة، لكونه حصل بعد الزواج، فهذا الربط هو مجرد ظن وتخمين، وليس معناه أن هذه الزوجة لا تصلح، فلا علاقة بين حصول هذه المشاكل وبين زواجك من هذه الفتاة، فهذا أمر وذاك أمر آخر، وهو من التشاؤم المنهي عنه، ففي الحديث عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عَدْوَى ، وَلا طِيَرَةَ ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ ، قَالُوا : وَمَا الْفَأْلُ ؟ قَالَ : كَلِمَةٌ طَيِّبَة رواه البخاري (5776).
وفي الحديث الآخر عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك رواه أبو داود (3910)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : "والتطير : التشاؤم ، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي ، وكانوا يتطيرون بالطيور ، فإن أخذت ذات اليمين تبركوا بها ومضوا في سفرهم وحوائجهم ، وان أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها ، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم ، فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : (لا طيرة) وفى حديث آخر : (الطيرة شرك) أي : اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك ، لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد" انتهى من "شرح النووي على مسلم" (14/ 218) بتصرف.
فإذا نابتك بعض هذه المشاعر من التشاؤم فدافعها، وقل: "اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك" .
فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك قالوا : يا رسول الله ، ما كفارة ذلك؟
قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك رواه أحمد (7045)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (6264).
ثانياً:
أما بخصوص تشاؤمك من زوجتك بسبب ما يحصل لك وأنّ فيها الصفات الثلاث "الأنانة، والمنانة، الشداقة".
فأما الصفات الثلاث فلا شك أنها مما يزهد في المرأة، ولكن النهي عن زواج الأنانة والمنانة والشداقة ليس بحديث، وإنما ذكره بعض الفقهاء نقلا عن أقوال العرب من حكمهم وتجاربهم في الحياة.
ولكن ورد في السنة ما يشير إلى أن بعض النساء فيها من الصفات والطباع ما يجعلها شؤما على زوجها، ومعنى (الشؤم) في هذه الأحاديث أنها مصدر مشاكل وإزعاج وتنغيص، وليس معناه الشؤم الذي هو من الشرك، مما يحمل الإنسان على المضي أو الترك في أموره.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَس البخاري (5094).
قال النووي رحمه الله: قال بعض أهل العلم: شؤم الدار: ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم، وشؤم المرأة: عدم ولادتها، وسلاطة لسانها، وتعرضها للريب، وشؤم الفرس: أن لا يغزى عليها، وقيل حِرَانها وغلاء ثمنها، وشؤم الخادم: سوء خلقه، وقلة تعهده لما فوض إليه" انتهى من "شرح النووي على مسلم" (14/ 221).
فمن كانت زوجته صعبة المراس، سليطة اللسان، متذمرة، فالأفضل في حاله المفارقة، وخاصة إن لم يكن بينهما أولاد، كما أوصى إبراهيم عليه السلام ابنه إسماعيل أن يغير عتبة بابه _يعني يطلقها_.
ففي الحديث أن إبراهيم عليه السلام زار ولده إسماعيل بعد أن تركهم بمكة فوجد زوجته ولم يجده فسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا ، فَقَالَ : هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ جَاءَنَا ، شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ : فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ؛ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ : غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ،
قَالَ : ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ؛ الْحَقِي بِأَهْلِكِ .فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ أُخْرَى البخاري (3184).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأما حديث: (الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار) فهذا الحديث ورد على وجهين:
الوجه الأول: (إنما الشؤم في ثلاثة).
ووجه آخر: (إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة).
ومراد الرسول صلى الله عليه وسلم: أن نفس هذه الأشياء قد يكون فيها شؤم، فمثلاً: قد يسكن الإنسان الدار، ويضيق صدره ويقلق ويتألم من حين يدخلها، أو يشتري المركوب ويكون فيه حوادث كثيرة من حين اشترى -مثلاً- هذه السيارة؛ فيتشاءم منها ويبيعها، والمرأة كذلك، قد يتزوج المرأة وتكون سليطة اللسان بذيئة، تحزنه كثيراً وتقلقه كثيراً، فهذا هو الشؤم الذي يذكر في هذه الأمور الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هذا الشؤم المنهي عنه الذي ليس له أصل، والذي يوجب للإنسان ما ذكرناه من المفاسد" انتهى من " لقاء الباب المفتوح" (58/ 20 بترقيم الشاملة).
وقال: "بعض النساء يكون فيها شؤم؛ بمعنى أنها تنكد على الإنسان حياته، لا أنها تنزع بركة ماله أو بركة ولده أو بركة علمه، لكنها قد تنكد عليه حياته ، وإنما ضرب الرسول مثلاً بالمرأة والدار والفرس، لأن هذه ملازمة للإنسان تتعبه" شرح البخاري للعثيمين (6/178).
ثالثاً:
ما ذكرته من عدم إحسانها للطبخ، فهذا أمر يعود للتربية والعرف الاجتماعي في بيت أهلها، فربما كان تقصيرا، أو كان عرفهم عدم اهتمام بناتهم بالطبخ، وأيّا كان الأمر، فإن هذا أمر يمكن ترشيده مع الأيام، ولا حاجة لتدخل أمك وأخواتك في هذا الموضوع مطلقاً، اجعل الأمر بينك وبين زوجتك، ورشدها شيئا فشيئًا.
وبناء على ما سبق: فإن النصيحة لك أن تحاول إصلاح زوجتك بالحسنى من خلال التعامل الحسن، والترشيد شيئا فشيئًا، فالأمور لا تصلح دفعة واحدة، واختلاف الطباع والبيئات لابد من مراعاته، خاصة في السنة الأولى من الزواج.
وقبل هذا كله اجعل سلاحك الدعاء بما يصلح حالكم، وخاصة دعاء " ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما" ودعاء " اللهم إني أسألك العافية في ديني وأهلي ومالي" ودعاء " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
وفقك الله وأصلح ذات بينكم، وأسعدكم في الدارين.
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |