عنوان الفتوى : النهي عن المنكر بالمستطاع وألين الأساليب
كنت بأحد النوادي الاجتماعية، وهناك طفل يريد أن يرهب قطة تحاول أن تأكل من خشاش الأرض، ومعه كرة قدم كان يريد أن يوهمها أنه سيضربها على رأسها بها كي تخاف وتهرب، فخشيت أن يضربها، وغضبت واندفعت، وقلت له ماذا تفعل؟ لا تفعل ذلك وابتعد، فقال لي أنا حر، فقلت له لا، هناك حقوق للحيوان وسوف أطلب لك الأمن ـ أنا لا أعرف هذا الطفل ـ ووالدتي تقول لي ليس لك سلطان عليه حتى توبخيه، ولست بقادرة على تغيير كل الناس، فهل أنا على خطأ؟ وهل عندما أرى منكراً علي أن أدفعه؟ أليس كذلك؟ كما قال الرسول صل الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ـ أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس ـ وعندما أقول لها من سيأخذ بحقوق تلك الحيوانات الضعيفة؟ تقول لي الله، فهل يجب علينا السكوت عن المنكرات وترك الأمر لله؟ وهل يجب علينا التغاضي عن كل أمر سيء يفعله الفاسدون، لأنه لا علاقة لنا به، ألم نأت لنعمر الأرض، لا لنترك المفسدين يفسدون فيها ويخربونها؟.
وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنهي عن المنكر من قواعد الإسلام الراسخة، ولم تستحق هذه الأمة وصف الخيرية بين الأمم إلا بقيامها به، كما قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ {آل عمران:110}.
لكن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قواعد وضوابط، ومن ذلك مما يتعلق بقصتك أن يستعمل الرفق ما أمكن، فكان ينبغي لك أن ترفقي بهذا الصبي وتليني له وتقولي له بهدوء إن الأذية غير جائزة شرعا ولو لحيوان، وإن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، ويتوقع عندئذ بأنه لم يكن ليجيبك بما أجابك به، بل كان سينتهي على الفور ـ إن شاء الله تعالى ـ
والخلاصة أن عليك أن تنهي عن المنكر بما تستطيعين، لكن عليك أن تتحري أمثل الأساليب وأبعدها عن الغلظة وأدعاها لقبول النصح.
والله أعلم.