عنوان الفتوى : من تزوّج امرأة وطلقها طلاقا رجعيا وأراد نكاح بنت أخيها من الرضاعة
رجل تزوّج بامرأة، ثم طلّقها، وتزوّج بأخرى، ثم طلّقها، وأراد أن يتزوّج الأولى مرة أخرى؛ فتبين أن أبا الأولى أخو الثانية من الرضاعة، أي أن المرأة الثانية عمّة الأولى من الرضاعة، وقد تزوّجها ودخل بها قبل انقضاء عدة الأولى، وهو لم يعلم بالأمر إلا بعد طلاق الثانية، وقد طلّق الثانية بعد انقضاء عدة الأولى، فهل له الآن أن يتزوّج الأولى، أم لا بد أن ينتظر حتى تنقضي عدة الثانية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الجمع بين المرأة وعمّتها يدخل في التحريم إلى أمد، كتحريم الجمع بين الأختين، ويستوي في هذا ما إذا كانتا من نسب، أو رضاع.
فلا يجوز لك الزواج من الأولى؛ حتى تنقضي عدة الثانية، سواء كانت العدة من طلاق رجعي، أم بائن، على ما ذهب إليه الحنفية، والحنابلة، قال الكاساني في بدائع الصنائع: والأصل أن ما يمنع صلب النكاح من الجمع بين ذواتي المحارم؛ فالعدة تمنع منه. وكذا لا يجوز له أن يتزوج أربعًا من الأجنبيات والخامسة تعتدّ منه، سواء كانت العدة من طلاق رجعي، أو بائن، أو ثلاث ... اهـ.
وجاء في الشرح الكبير لابن قدامة: قال أحمد: إذا تزوّج امرأة، ثم تزوّج أختها ودخل بها؛ اعتزل زوجته حتى تنقضي عدة الثانية، إنما كان كذلك؛ لأنه لو أراد العقد على أختها في الحال؛ لم يجز له حتى تنقضي عدة الموطوءة؛ فلذلك لا يجوز له وطء امرأته حتى تنقضي عدة أختها التي أصابها. اهـ.
وفي حاشية ابن قاسم على الروض المربع، عند قول صاحب الزاد: (وتحرم إلى أَمد أُخت معتدته...): ولو مبانة من خلع، أو طلاق ثلاث، أو على عوض. اهـ.
وذهب المالكية، والشافعية إلى جواز الزواج منها إلا في عدة الطلاق الرجعي، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: يعني: أن الشخص إذا عقد على امرأة بنكاح؛ فلا يحل له وطء أختها، أو عمّتها مثلًا بملك، أو بنكاح ما دامت الأولى في عصمته. اللهم إلا أن يبينها، إما بأن يخالعها، أو يطلّقها ثلاثًا، أو واحدة وهي غير مدخول بها، أو بخروجها من العدة حيث كان الطلاق رجعيًّا. اهـ.
وفي روضة الطالبين للنووي قوله: ولو طلّق امرأته طلاقًا بائنًا؛ فله نكاح أختها في عدتها، وإن كان رجعيًّا، لم تحلّ أختها حتى تنقضي عدتها. اهـ
وبما أن المسألة محل خلاف؛ فننصح بمراجعة المحكمة الشرعية، أو ما يقوم مقامها من الهيئات الشرعية.
والله أعلم.