عنوان الفتوى : المراسلة بين الجنسين في أمور الخير
أحببت فتاة حبًّا غير مشروط بأي شيء، بل لأنها إنسانة علّمتني كل شيء، واهتمّت بي، وزرعت في قلبي كل شيء نقي، وهي امرأة متصوفة تخاف الله، والعجيب فيها أنها تحسّ بي، فتحسّ بطاقتي إذا كانت طاقة حزينة دون أن أكلّمها، فتعرف أني حزين، وترسل لي، وتقول لي: ما الذي يحزنك؟ فكنت أذهل، وأقول: كيف عرفت؟ فتقول: هذه طاقة حزن وصلتني، وتقول: إنها روحانية، وإن هذا الشيء فيها من الله؛ لدرجة أني كنت أبكي، وأقول: سبحان الله، إذا أحسّ بي بشر، فكيف برب العالمين سبحانه!؟ فكنت أبكي، وأقول: "سبحانك ربي".
بعدها بمدة انقطعت عني، وكنت أريد أن أتزوّجها، لكنها مختلفة عني في كل شيء، فهناك فرق في الفِكر، والعمر -عمرها 35، وعمري 23-، ومن الصعب أن نتأقلم مع بعض، وقد قالت: سأقطع علاقاتي مع كل الذكور؛ لأنه حرام شرعًا، وقد تغيّرت، وصرت أتأثر كثيرًا بأهل الخير، فلو شاهدت مقطعًا فيه شخص يحكي عن حياته ومعاناته؛ فإني أبكي، وأحسّ أني أشعر بشعوره، وهذا الشيء أذهلني، وخلط فكري، فهل أنا طبيعي؛ فأنا أخاف أن يكون هذا الشعور غير طبيعي؟ وأحببت أن أتعمّق في أمور الروحانيات، وتزكية النفس، لكني أخاف من الشرك -والعياذ بالله-، فماذا حصل لي؟ وهل هذا خير؟ وأبكي حينما أرى اثنين يحبّان بعضهما بعضًا بصدق، وأحسّ بشعور جميل، فهل صارت طاقتي أنثوية؟ وتلك الفتاة غادرت حياتي، فهل أحارب لأجلها؟ ولكني -والله- أحبّها حبًّا نقيًّا غير مشروط بشيء.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولًا إلى أنّ التعارف بين الرجال والنساء، وما يعرف بعلاقات الحب بينهما، والمحادثة والمراسلة من خلال الإنترنت أو غيره، كل ذلك باب فتنة، وذريعة شر وفساد.
ولا تنخدع بكون الكلام والمراسلة في أمور الخير؛ فقد يكون ذلك استدراجًا من الشيطان، واتباعًا لخطواته، وتلبيسًا من النفس، واتباعًا للهوى.
فاتق الله تعالى، وقف عند حدوده، وابحث عن امرأة صالحة تتزوجها، حتى تعفّ نفسك، وتجد عونًا على طاعة الله، والبعد عن معاصيه.
واشغل نفسك بما ينفعك، واحرص على ما يقربك إلى الله من العبادات الصحيحة، والعلم النافع.
فصاحب الصالحين، وتعلّم أمور دِينك من مصادره الصحيحة الراجعة إلى الكتاب، والسنة، واعمل بطاعة الله، وأخلص النية لوجهه.
وللفائدة راجع الفتوى: 292501، والفتوى: 112881.
والله أعلم.