عنوان الفتوى : هل تعتبر فترة الدراسة من العمر الضائع إذا لم يستفد منها الشخص في حياته؟
أنا بنت عمري 21 سنة، أدرس في آخر سنة في كلية الآداب. و-إن شاء الله- سأتزوج آخر هذه السنة. أشعر أن فترة التعليم هذه كلها ضاعت، ولم أستفد شيئا من تعليمي. وأشعر أني لا أعمل أي شيء مفيد.عملت، فلم يستمر عملي.
قبل فترة سمعت شيخا كان يتكلم عن الحساب في القبر، وقال إن الملك سيسألني: فيماذا ضيعت عمري. وأنا الحمد لله، أصبحت ألتزم بالصلاة، وانتهيت من التكاسل عنها، وأصوم. هل هذا كافٍ؟ وإذا كان غير كافٍ. فماذا أفعل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكل إنسان سيسأل يوم القيامة عن عمره، وعن شبابه فيم ضيعه؛ فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تزول قدما عبد يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟ رواه الترمذي.
قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح: عن عمره .. أي: عن مدة أجله، فيما أفناه أي: صرفه، وعن شبابه أي: قوته في وسط عمره، فيما أبلاه، أي: ضيعه، وفيه تخصيص بعد تعميم، وإشارة إلى المسامحة في طرفيه من حال صغره وكبره.
وقال الطيبي رحمه الله: فإن قلت هذا داخل في الخصلة الأولى فما وجهه؟ قلت: المراد سؤاله عن قوته وزمانه الذي يتمكن منه على أقوى العبادة. انتهى.
وقال ابن الجوزي -رحمه الله- في صيد الخاطر: ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل. انتهى.
فقد أحسنت بالانتباه إلى أهمية حفظ الأوقات، وصرف العمر في طاعة الله، وأول ما نوصيك به: العناية بإصلاح قلبك، وتزكية نفسك، والحرص على تقوية إيمانك، بتعلم ما يلزمك تعلمه من أحكام الشرع، والمحافظة على الفرائض والواجبات، واجتناب المعاصي والمنكرات.
ثمّ نوصيك بالحرص على نفع غيرك، وخدمة دينك بما يتيسر لك إحسانه، وما يلائم حالك ويناسب إمكاناتك، مع الاستعانة بالله -تعالى- والحرص على تنظيم الأوقات، والموازنة والترتيب بين الأولويات، والاجتهاد في إخلاص النية لله تعالى.
وللفائدة راجعي الفتاوى: 140599، 203272، 191205، 65335، 15872، 342010.
والله أعلم.