عنوان الفتوى : من اشترى من غيره قمحًا ودفع الثمن وربط البائع التسليم بحصوله على القمح من غيره
اشتريت 50 أردبًا قمحًا من شخص -مقدمًا-، ودفعت له الثمن كاملًا، وحدد نوعية القمح، ولكننا لم نحدد موعد التسليم تحديدًا دقيقًا؛ فقد ربط البائع تسليمي القمح بحصوله هو على القمح من شخص آخر باعه إياه، ومضى موعد حصاد القمح منذ أربعة أشهر ولم يسلمه القمح، وهما الآن في ساحات المحاكم، فهل البيع باطل من الأساس؟ وهل يحقّ لي مطالبته بالسداد بغض النظر عن الشخص الذي اشترى منه هو، أو استرجاع الثمن؟ أفيدوني -أفادكم الله-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان العقد بينكما على قمح في ذمّة البائع، وليس في ذمّة غيره؛ فهذا عقد سلم؛ كان الواجب أن يحدد فيه أجل التسليم، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: «من أسلف في شيء، ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم».
وجاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله-: الفصل الثاني، أنه لا بد من كون الأجل معلومًا؛ لقوله تعالى: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى} [البقرة:282]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إلى أجل معلوم".
ولا نعلم في اشتراط العلم في الجملة اختلافًا. فأما كيفيته؛ فإنه يحتاج أن يعلمه بزمان بعينه، لا يختلف، ولا يصحّ أن يؤجله بالحصاد، والجذاذ، وما أشبهه، وكذلك قال ابن عباس، وأبو حنيفة، والشافعي، وابن المنذر. انتهى.
وعليه؛ فالسلم الذي لم يكن الأجل فيه معلومًا، سلم فاسد.
وإذا فسد السلم؛ عاد المسلِم على المسلم إليه بالثمن، فلا يصحّ منك مطالبته بتسليم المبيع، ولكن لك مطالبته بردّ الثمن الذي دفعته، وراجع الفتوى: 143997.
أما إن كان العقد بينكما وقع على القمح الذي اشتراه هو من الشخص الآخر؛ فهذا يعتبر من بيع الدَّين لغير من هو عليه، ومن بيع طعام المعاوضة قبل قبضه، ولا يجوز بحال، وانظر الفتوى: 70247.
والله أعلم.