عنوان الفتوى : هجر الزوج زوجته لرفضها سكنى أولاد أخيه المتوفى معها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

رجل كان لديه أخوان اثنان: الأول منهما تزوج امرأة، وأنجبت له 3 أطفال، ثم توفي، وبعد وفاته بستة أشهر تزوجت أخاه الثاني، ثم توفي الزوج الثاني، ثم تزوّجت من رجل آخر.
وبعد زواجها من الرجل الأخير أحضرت أطفالها من الزوج الأول إلى عمّهم -الذي هو أخو زوجيها السابقين-، وقالت له: أنت عمّهم، وملزمٌ بهم، وأنا غير مسؤولة عنهم، وانصرفت.
وعمّهم متزوج، ولديه أطفال، وأراد أن يكفل أولاد أخيه، لكن زوجته -بعد ثلاثة أشهر- لم تتحمّل عناء تربية الأيتام، والعناية بهم، فجاءت أخته - عمّة الأيتام- من قريتها، فطلبت الزوجةُ من زوجها أن يجعل الأيتام يذهبون مع عمّتهم؛ لأنها لم تقدر على تحمل مسؤوليتهم، فرفض الزوج ذلك، فهدّدته زوجته بالنشوز، والذهاب إلى بيت أهلها، وتحت إلحاح زوجته، وضغطها عليه، جعل الأيتام يذهبون مع عمّتهم.
لكن بعد انصرافهم تغيّرت معاملة الزوج لزوجته تمامًا؛ حتى إنه بات يضرب أطفاله، ويصرخ، ويقول لها: إما أن تقبل العيش مع أولاد أخيه، وإما أن يأتي بأحسن منها.
وقد قاطعها منذ أسبوع، لا يتكلّم معها، ولا يسمح لها بالذهاب إلى بيت أهلها، وهي الآن تريد أن تعرف ما حكم ما صنعت، وهل عليها إثم برفض أولاد أخيه؟ وهل هي ملزمة بهم طاعة لزوجها؟ علمًا أن زوجة أخيه -أمّ الأيتام- كانت تريد أن تتزوّج الأخ الثالث بعدما مات أخواه، لكنه رفض.
وفي العيد أهدتهم عسلًا، ونقلوا إلى بيت آخر، ومن حينه وهم في مشاكل، وهمّ، وغمّ، فنرجو التفضّل بالإفادة الشرعية، وتقديم النصيحة اللازمة -جزاكم الله خيرًا-.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج على زوجة العمّ هذه أن ترفض إقامة هؤلاء الأطفال في بيتها، وليس لزوجها إلزامها بذلك، ولا تجب عليها طاعته فيه؛ فمن حقّها على زوجها أن تكون في مسكن لا يكون فيه أحد من أهله، أو من أهلها، قال الكاساني -الحنفي- في بدائع الصنائع: وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسْكِنَهَا مع ضَرَّتِهَا، أو مع أَحْمَائِهَا -كَأُمِّ الزَّوْجِ، وَأُخْتِهِ، وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا، وَأَقَارِبِهِ-؛ فَأَبَتْ ذلك، عليه أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ مُفْرَدٍ؛ لِأَنَّهُنَّ رُبَّمَا يُؤْذِينَهَا، ويضررن بها في الْمُسَاكَنَةِ، وَإِبَاؤُهَا دَلِيلُ الْأَذَى، وَالضَّرَرِ. اهـ.

ولو أنه أبقاهم معها في البيت، وخرجت إلى بيت أهلها لأجل ذلك، لم تكن بخروجها ناشزًا.

وإذا كان قادرًا على العدل بين الزوجتين؛ فله الزواج من أخرى، ولكن لا ينبغي أن يجعل ذلك وسيلة يهدّد بها زوجته؛ ليجبرها على الموافقة على بقاء الأولاد معها في البيت؛ فهذا نوع من سوء العشرة، وقد أمر الله تعالى بحسن العشرة، وطيب المعاملة، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقّها -من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك-، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ.

وليس له هجرها، والامتناع عن الكلام معها لهذا السبب؛ فهجر المرأة إنما يكون عند نشوزها، ويهجرها في الفراش، قال الحجاوي (الحنبلي): إذا ظهر منها إمارات النشوز ... وعظها، فإن رجعت إلى الطاعة، والأدب؛ حرم الهجر، والضرب.

وإن أصرّت، وأظهرت النشوز -بأن عصته، وامتنعت من إجابته إلى الفراش، أو خرجت من بيته بغير إذنه، ونحو ذلك-؛ هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام، لا فوقها... اهـ.

وإن كان المقصود بالإشارة في السؤال بهدية العسل إلى الظن بأن هذه المرأة قد عملت فيه شيئًا من السحر مثلًا؛ فالأصل براءة ذمّتها من ذلك، ولا يجوز إساءة الظن بها من غير بينة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.

ولا يلزم أن يكون وجود المشاكل في البيت بسبب سحر.

ومع ذلك؛ فإن خشي أن يكون السحر هو السبب؛ فعلاجه الرقية الشرعية، من غير اتّهام لأحد بعمله -كما أسلفنا-، إلا أن يثبت ذلك عنه.

وننبه إلى أن المرأة إذا تزوّجت؛ انتقلت حضانة أولادها إلى من هي أولى بهم بعدها -كأمّ الأمّ-، حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء، وهو مبين في الفتوى: 6256.

والله أعلم.