عنوان الفتوى : المبادرة بسداد الدَّين قبل حلول الأجل
حصلتُ على قرض حسن من مكان عملي؛ من أجل بناء منزل جديد، واتفقنا بالتراضي مع صاحب العمل على سداد القرض على أقساط خلال مدة عام، ومَرَّ ما يقرب من نصف المدة، وأنا منتظم في السداد، حسب ما تم الاتفاق عليه، وقد منّ الله عليّ بمبلغ من المال، فهل يجوز لي أن أستخدم هذا المال الذي توفّر لديّ في استكمال بناء المنزل الجديد، أم أسدد جزءًا من الدّين المؤجّل -الأقساط غير المستَحقة لاحقًا-؟ جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في وقت ردّ البدل في القرض: هل هو على الفور، أم يتأجّل بالأجل؟ والجمهور -خلافًا للمالكية- على أنه على الفور، بمعنى أن للدائن المطالبة به حالا؛ وعندئذ فيجب على المدين القادر قضاؤه فورًا، وراجع في ذلك الفتوى: 75301.
بل نصّ بعضهم على وجوبه على الفور، ولو من غير مطالبة، قال المرداوي في الإنصاف: أداء ديون الآدميين واجب على الفور عند المطالبة. قطع به الأصحاب. وبدون المطالبة لا يجب على الفور، على الصحيح من المذهب ...
والوجه الثاني: يجب على الفور من غير مطالبة. قاله القاضي في الجامع, والمصنف في المغني في قسم الزوجات: أنه يجب على الفور. ذكراه محل وفاق. اهـ.
ولذلك؛ فإنه ينبغي للسائل أن يستأذن الدائن، فإن أذن له، فذاك، وإلا قضاه دَينه فورًا؛ وذلك مراعاة لكون صاحب العمل إنما أقرضه لفقره وحاجته، فإذا علم بهذا المال الذي جاءه، فربما طالبه بدَينه. وكذلك لأن السائل لا يدري ما يعرض له في المستقبل؛ فقد يَجِدُّ له ما يعجز به عن الأداء، وقد سئل ابن حجر الهيتمي -كما في الفتاوى الفقهية الكبرى-: هل يجب على الغني أداء الدَّين فورًا؟
(فأجاب بقوله): نعم، إن خاف فوت أدائه إلى المستحق، إما بموته، أو بمرضه، أو بذهاب ماله، أو خاف موت المستحق، أو طالبه رب الدَّين، أو علم حاجته إليه، وإن لم يطالبه ... اهـ.
والله أعلم.