عنوان الفتوى : توجيهات لإصلاح الإخوة المسيئين لأختهم العاقين لأبويهم
لا أستطيع التخلص من شعور كرهي لإخوتي، إن كرهي لهم فاق التصور، وتعدى كل شيء، دائما أتمنى لهم الموت، أو لنفسي أي مصير، ولكن ليس معهم، إنهم مثل يأجوج ومأجوج.
الأسباب كثيرة، ألخصها بالآتي:
لا يعملون شيئا، يجلسون في البيت، عاقون لوالدتي ووالدي.
ويتصرفون كالملائكة أمام الناس، وهم أقبح خلق الله، لا أستطيع مواجهتهم ولا أتكلم معهم؛ لأنني لا أستطيع التظاهر بحبي لهم، إني كالسجينة في البيت لا أستطيع حتى أن أرفع صوتي بوجودهم، وهم موجودون دائما. ماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكره والحب من الأمور القلبية التي لا اختيار لصاحبها فيها؛ ولذلك لا مؤاخذة بسببها، وقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه، عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.
وقد ذكرت عن إخوتك عقوقهم للوالدين، فإن كانت حالهم كذلك، فلا شك في أنهم على خطر عظيم؛ لأن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط الرب تبارك وتعالى، وللمزيد بهذا الخصوص، يمكن مراجعة الفتوى: 5327، والفتوى: 11649.
وجلوسهم في البيت إن كان المقصود به البطالة، وأنهم عالة على والدهم في النفقة، فهذا أمر مذموم، فقد جاء الإسلام بذم البطالة وحث على العمل والأكل من كسب اليد، وتراجع النصوص الواردة في ذلك بالفتوى: 58722.
وتعاملهم مع عامة الناس بالأخلاق الحسنة، والظهور بالمظهر الطيب، مطلوب، ولكن إن كانوا على خلاف ذلك في تعاملهم مع أهل البيت، فهذا من السوء بمكان، فأولو الرحم أولى بالمعاملة الحسنة، ومقابلتهم بالأخلاق الكريمة، وانظري للفائدة، الفتوى: 296287.
وإن كان عدم استطاعتك رفع صوتك في البيت بسبب سوء تعاملهم، فاصبري وأكثري من ذكر ربك، واشغلي وقتك بما ينفعك من أمر دينك ودنياك.
ومن أهم ما نوصيك به كثرة الدعاء لهم بالتوبة والهداية؛ فالله سبحانه هو الهادي إلى الصراط المستقيم، وقلوب العباد بين يديه يقلبها كيف يشاء، قال سبحانه: وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {البقرة:213}، وروى الترمذي عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله، يقلبها كيف يشاء.
ونذكر هنا بدعاء الوالدين خاصة، فهو أرجى للإجابة، روى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.
ونوصي أيضا ببذل النصح لهم، ففي صحيح مسلم عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الدين النصيحة» قلنا: لمن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم».
وإذا كان النصح برفق كان أدعى لأن تكون ثمرته طيبة، ففي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه.
والأفضل أن يكون النصح ممن يرجى أن يسمعوا قوله، ويستجيبوا له.
بقي أن نعلق على وصفك إياهم بأنهم يأجوج ومأجوج، فلا يجوز لك إطلاق ذلك عليهم، فيأجوج ومأجوج أمم كافرة، فلا ينبغي تشبيه المسلم بهم مهما بلغ من السوء.
والله أعلم.