عنوان الفتوى : هل للحشيش والأفيون حكم الخمر؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل الحشيش والأفيون من الخمر؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله.

أولاً:

أجمع العلماء المتقدمون والمعاصرون على حرمة الحشيش والأفيون وغيرها من المخدرات؛ بل نصوا على أنها أشد حرمة من الخمر، وأكثر ضرراً منها.

جاء في "موسوعة صناعة الحلال" (3/ 13) ما نصه: " والحشيش، وإن كان لم يعرف في العالم الإسلامي إلَّا حوالي القَرْن السادس أو السابع الهجري عند ظهور التَّتار، إلَّا أنَّه كان معروفاً في التاريخ القديم في الشرق والغرب، ولما عَرَفَه المسلمون، ولمسوا آثاره: طبَّقوا عليه عموم الحديث الذي حَرَّم كُلَّ مُسْكِر، وكذلك عموم قول أمِّ سَلَمَة رضي الله عنها: (نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَن كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ)، كما رواه أبو داود في سُننه.

فهو مُحرَّم؛ إمَّا بالنصّ، وإمَّا بالقياس، ‌وقد ‌نقل ‌الإجماع على حُرْمَتِه غير واحد من الأئمَّة؛ منهم: القَرَافي وابن تيمية" انتهى.

وجاء في "فتاوى دار الإفتاء المصرية" (7/ 206 بترقيم الشاملة).

"ومن هنا لزم ثبوت حكم تحريم الخمر لكل مادة ظهرت، أو تظهر، تعمل عملها.

يدل لذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر حرام) إذ لم يقصد الرسول بهذا إلا أن يقرر الحكم الشرعي ، وهو أن كل ما يفعل بالإنسان فعل الخمر يأخذ حكمها في التحريم والتجريم.

وإذا كانت المخدرات كالحشيش والأفيون والكوكايين وغيرها من المواد الطبيعية المخدرة، وكذلك المواد المخلّقة المخدرة، تُحدث آثار الخمر في الجسم والعقل، بل أشد؛ فإنها تكون محرمة، بحرفية النصوص المحرمة للخمر، وبروحها وبمعناها".

وقد ورد السؤال عن الحشيش في فتاوى اللجنة الدائمة، وأجابت عليه بما يلي:

"السؤال: هل ‌الحشيش حرام أم حلال، فإذا كان حراما فإن أبي يشارك آخر من هؤلاء التجار في ذلك الحرام في محل تجارة (بقال)، فهل يجوز لي أن آكل من ثمنه وآخذ مصروفي منه؟

الجواب: يحرم بيع الحشيشة وشراؤها واستعمالها، أكلا وشربا ومضغا؛ لما فيها من الإسكار والمضار والمفاسد العظيمة، وقد ورد النهي عن المسكر، ففي صحيح مسلم وسنن أبي داود عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كل مسكر ‌خمر، وكل ‌خمر حرام)، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (كل مسكر حرام) ولا يجوز الأكل من ثمنها" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (22/ 138).

بل ذهب مفتي عام المللكة العربية السعودية، وشيخ مشايخها الشيخ محمد بن إبراهيم، رحمه الله، إلى أن "الحشيشة": شر من الخمر، وأخبث. قال:

" الحشيشة أخبث من الخمر وأشد، وهي شيء ناشف. وفيه من الضرر غير الضرر الديني شيء عظيم، حتى يجن وتذهب باءته وغير ذلك.

يقول الشيخ إن الخمر في النجاسة بمنزلة البول، والحشيشة بمنزلة الغائط" انتهى، من "فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم" (12/72).

وقال أيضا: " الأفيون أعظم من الخمر من ناحية، وأعظم من السم من ناحية أخرى" انتهى، (12/200).

ثانياً:

ومع إجماعهم على حرمتها إلا أنهم اختلفوا في عقوبتها، هل هي حد أم تعزير؟ فذهبت طائفة إلى أنّ حدها حد الخمر، وذهبت طائفة أخرى إلى أنّ عقوبتها التعزير بأشد أو أخف من حد الخمر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والحشيشة المصنوعة من ورق القِنَّب حرام، يُجلَد صاحبُها كما يُجلَد شارب الخمر، وهي ‌أخبث ‌من ‌الخمر ‌من جهة أنها تفسد العقل والمزاج ....

وقد توقف بعض الفقهاء المتأخرين في حدِّها، ورأى أنَّ آكلها يعزَّر بما دون الحد، حيث ظنها تغير العقل من غير طَرَب، بمنزلة البنج، ولم نجد للعلماء المتقدمين فيها كلامًا.

وليس كذلك؛ بل آكلوها ينتشون عنها، ويشتهونها كشراب الخمر وأكثر، وآكلها تصده عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة إذا أكثر منها" انتهى من "السياسة الشرعية"(ص143).

وجاء في قرار هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض في شهر رجب عام ١٤٠١ هـ، رقم ٨٥ وتاريخ ١١/ ١١ / ١٤٠١هـ. حول عقوبة تعاطي المخدرات:

"أحدهما: من يتعاطاها للاستعمال فقط، فهذا يجري في حقه الحكم الشرعي للسكر، فإن أدمن على تعاطيها ولم يُجْدِ في حقه إقامة الحد؛ كان للحاكم الشرعي الاجتهاد في تقرير العقوبة التعزيرية الموجبة للزجر والردع ولو بقتله" انتهى .

ويحسن مراجعة فتوى سبق نشرها في الموقع حول هذا الموضوع برقم: (66227)، (431961)

والله أعلم