عنوان الفتوى : اليمين اللغو واليمين المنعقدة
لدي استفسار حول اليمين فأنا حلفت على ألا أقوم بفعل ولكني اضطررت لأن أقوم به فالبعض قال لي إنها يمين لغو وليس عليها كفار ولكنني أراها اليمين التي إذا نقضتها فإنها توجب الكفار فأنا لا أحلف إلا نادراً - والحمد لله - وعندما أحلف يكون ذلك من أعماق قلبي وينتابني الشعور بعظمة من أحلف به وبنفس الوقت أكسب حلفي القوة في أنني لن أقوم بذلك الفعل حتى يحقق الهدف من حلفي ولكن للأسف أضطر لنقض اليمين لذلك أنا أراها توجب الكفارة ، بينما من قالي لي إنها يمين لغو فهم لا يعرفون ما كان في قلبي وربما لا يعرفون أيضاً أنني لا أحلف إلا إذا رأيت أن هذا الحلف سيزيل عني ما كان في قلبي وحيث أنني ولله الحمد في هذا العام لم أحلف إلا ثلاث مرات ولكنني للأسف نقضت يميني المعلقة وها أنا أذكر لكم حادثتين لكي تبينوا لي ما إذا كانت يمين لغو حقاً وأرتاح من أقوال من يصرون على أنها يمين لغو : 1- كان أخي الصغير يأمرني أن ألعب له البلاي ستيشن حتى أفوز في إحدى الألعاب وأصل إلى المرحلة الأخيرة حيث أنني هجرت البلاي ستيشن ومع ذلك أنا قادرة على أن أفوز في جميع المراحل ولكن ذلك يحتاج من الوقت والجهد والتفرغ الكثير الكثير ولكنني لا أملك من ذلك إلا القليل ، كما أنه ينتابه الشعور عندما ألعب له كأنه يلعب مكاني وأخذ كل يوم يستفزني تعالي والعبي لي تعالي والعبي لي ويقطعني من الأعمال المنزلية أو حتى التحدث مع إخوتي لكي ألعب له وكأنني كنت شغالته التي تلبي له كل ما يتمناه من الفوز ، فطلبت منه أن يطلبني بأدب وأرشدته إلى ذلك ، ولكنه أخذ يزداد بطلباته بأن ألعب له ولكنني كنت أعتذر منه على عدم تفرغي له كل الوقت فأخذ يستفزني ويقول لي أنت مخادعة لأنك طلبت مني أن أطلب منك بأدب ولكنكِ لم تنفذي ما طلبت ، وأنه الآن أصبح حراً في أن يطلب مني متى يشاء وبطريقته كيفما شاء ، فضقت ذرعاً بما فعل و صبري على أسلوبه العنيد ، فقلت لا بد أن أوقفه عند حده فحلفت بالله العظيم بأن لا ألعب له حتى يعتذر لي عما سلف ويطلب مني ذلك بأدب وبالمعقول لا بالجنون ،علماً بأنني عندما حلفت شعرت بأن هذا سيصده عن فعل ذلك ، وذلك لأنني من النادر جداً جداً أن أقسم فبذلك أكسبت قسمي القوة، كما شعرت براحة في قلبي بعدما أقسمت ، ولكن للأسف نقضت القسم ، لأنه أخذ بالبكاء عند رأس أمي فقالت لي أمي : الله يرضى عليك نفذي ما يرغب، فاضطررت وقلبي جُرح مرة أخرى بسيف أشدَ حدةً من الذي قبله بأن ألعب له البلاي ستيشن - الله يحطمه ويأخذه - . 2- أنا في المنزل أنظف البيت -بدون المطبخ- أسبوع بأسبوع وفي إحدى المرات قمت بتنظيف المنزل من رأسه لرجله - كما يقال - حتى انكسر ظهري وأصابني التعب والإرهاق ، وما غفوت إلا ساعتين حتى أصبح البيت رأساً على عقب وكأني لم أقم بذلك الجهد والتنظيف فقلت لإخواتي وأمي كيف سمحتم لأخوي الصغيرين بالعبث بالمنزل وتخريب كل ما أمامهم وأنتن ساكتات ألم تقدرن التعب الذي تعبته ، فأقسمت ألا أنظف البيت في الثلاثة الأيام التي تبقت من ذاك الأسبوع وذلك حتى يشعروا بنعمة النظافة وبإهمال الولدين الصغيرين - أحدهما في الصف الرابع والآخر في الصف الأول الابتدائي فليسا صغيرين بمعنى أنهم لا يفهمون- ، فلك أن تتصور بأنك تبني بناء عاليا شاهقا كرست له كل الجهد ، ثم يأتي أحد العابثين في غضون ساعتين بهدم ما بنيت والذي يزيدك غيظاً أن سكان هذا البناء أخذ يشاهدون عملية الهدم وهم ساكتون ينظرون وكأنك ستأتي مرة أخرى لتعوضهم ببناء أعلى من الذي قبله وعن كل ماضاع عليهم، والذي يزديك غيظاً أكثر هو أن عملية البناء هذه الكرة ستكون أشد من التي قبلها لأنك ستزيل آثار الهدم والخراب والدمار ثم ستبني لهم من جديد بناء أعلى وأعلى من السابق أتمنى أن تكون الصورة قد وصلت لكي تعلموا مقدار الغيظ الذي في قلبي والذي دفعني للقسم، ولكنه في اليوم التالي أخبروني أن هناك ضيفة ستزورنا في ذلك اليوم وأن علي أن أقوم بعملي ولكني قلت لهم لقد أقسمت ، قالوا نحن نعلم ولكن ما باليد حيلة فطلبت من أختي التي تمسك المطبخ بأن أخذ عملها اليوم فيه وهي تأخذ عملي في البيت وهكذا أعمل ولا أنقض القسم وبالتالي يصبح البيت نظيفاً جاهزاً لاستقبال الضيفة وستساعدك أختي الأخرى في البيت - لأن التخريب الذي فعلوه ليس بقليل فلا تكفي واحدة - وللأسف رفضت أن تمسك البيت مع أنها كانت تريدني أن أجرب عمل المطبخ ولو ليوم واحد حتى تريني أنه أشد تعبا من العمل في البيت ورفضها هذا للأسف يدل على شيء أطلب الله بأن ينزعه من قلبها وهي للأسف فاتها خير كثير فمن كان في عون أخيه كان الله في عونه ،أخبرتها بذلك ولكنها رفضت ولقد كان الحل الوحيد لكي أبقى محافظة على قسمي ولكن حصل ما حصل حيث نقضت القسم وعملت في البيت وأنا أشد غيظاً من تصرف أختي . في كلتا الحادثتين رويتها بالتفصيل مع علمي بضيق وقتكم ولكن لثقتي بكم أعلموني هل تجب كفارة أم هي يمين لغو وإذا كانت توجب الكفارة ، هل كفارات اليمين هذه تصبح واحدة فأكفر عنهما جميعا كفارة واحدة ولكم جزيل شكري وأسأل الله التوفيق لكم وأن يجعله في ميزان حسناتكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن يمين اللغو هي أن يحلف المرء على شيء دون أن يقصد اليمين، كقوله: لا والله، وبلى والله. أو أن يحلف على شيء يظنه كما حلف، فيتبين أن الأمر على خلاف ما يعتقده، وواضح من هذا أن اليمين التي تلفظت بها في كلتا الحالتين ليست يمين لغو، وإنما هي يمين منعقدة.
واليمين المنعقدة هي أن يحلف المرء أن يفعل شيئا فلا يفعله، أو أن لا يفعل شيئا فيفعله، فعليه حينئذ الكفارة.
قال ابن قدامة في "المغني": لا خلاف في هذا عند فقهاء الأمصار.
وبهذا يتبين لك أنه تلزمك كفارة عن كل يمين منعقدة حنثت فيها، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ويجزئ في الإطعام دفع كيلو ونصف من الأرز أو غيره إلى كل مسكين، أو تقديم وجبة غداء أو عشاء لكل مسكين، ويجزئ في الكسوة ثوب تصح فيه الصلاة، ويقي من الحر أو البرد.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى ما يلي:
الأمر الأول: عدم الاستعجال إلى التلفظ باليمين، لما يترتب عليه من الوقوع في الحرج، ولقوله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ (المائدة: 89) .
الأمر الثاني: أن اللعب بمثل هذه الألعاب قلما يخلو من المنكرات من استماع للموسقى ونحو ذلك، فالواجب التخلص منها وشغل وقت هؤلاء الأبناء بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وتراجع الفتوى رقم: 12491.