عنوان الفتوى : من قال: "عليَّ الطلاق بالثلاثة لو رددت عليهم أنت طالق" قاصدا وقت المغاضبة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

كنت مسافرًا خارج البلاد، وطلَّق أبي أمي، وكانوا يعلمون أني رافض هذا، فلم يخبروني، وعندما أتيت من السفر علمت بالصدفة منهم ما حدث، فغضبت منهم، ومن أقاربي؛ لأنهم لم يخبروني أثناء سفري بما حدث.
وسافرت، وتركتهم، فحاولت عمّتي الاتصال بزوجتي لحلّ الخلاف، وتهدئتي، وتوضيح الأمور، وسبب إخفائهم عني، وكنت بجوارها، وسمعت حجة عمّتي وأهلي التي ترويها في عدم إخباري، فغضبت منها، وطلبت من زوجتي إغلاق الهاتف، وحلفت نصًّا: "عليَّ الطلاق بالثلاثة لو رددت عليهم أنت طالق". لكني لم أكن قاصدًا طول العمر لا ترد عليهم، وتقاطعهم.
بعد شهرين مرضت أمّي، فعرفت من أخي، فذهبت إليها نادمًا على ما فعلته، وصالحتها، وصالحت إخوتي، وكل أقاربي، وانتهى الخلاف، فما وضع يمين الطلاق بيني وبين زوجتي عند جمهور العلماء؟ وهل يستمر -طول العمر لا ترد عليهم-، أم يجوز أن تتصل بهم، أم لا يجوز كلا الأمرين -أن تكلمهم، وترد على اتصالهم-؟ لأن الحلف بأنها لا ترد عليهم.
قرأت عن بساط اليمين عند المالكية، ويمين الفور عند الحنفية، فهل ينطبق على حالتي؟ ولكم جزيل الشكر.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالراجح عندنا أنّ المراعى في الأيمان نية الحالف بما تلفظ به، فإن لم تكن له نية؛ فالمرجع إلى السبب الذي حمله على اليمين، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: والأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية، نظر إلى بساط قصته، ومن أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. انتهى من الكافي في فقه أهل المدينة. وراجع الفتوى: 137299.

وعليه؛ فما دمت لم تقصد منع زوجتك من الردّ على أهلك أبدًا، فلا تحنث في يمينك بمكالمة زوجتك أهلك بعد زوال المغاضبة التي كانت بينك وبين أهلك؛ لأنّ هذا القصد يخصّص عموم ترك الردّ بحال المغاضبة.

لكن ننبهك إلى أنّ حقّ الوالدين عظيم، فلا يجوز لك هجرهم، أو الإساءة إليهم مهما صدر منهم.

كما ننبهك إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أَيْمان الفسّاق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.

والله أعلم.