عنوان الفتوى : والدته تجبره على دراسة الطب وهو يعشق الفقه في الدين واللغة العربية

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

مشكلتي مع أمي تكمن في اختيار التخصص، ففي دولتنا ليبيا نظام التعليم قائم على التخيير بين قسمين أساسين هما: القسم العلمي الذي يتناول المواد العلمية، كالفيزياء، الأحياء، الكيمياء، الرياضيات، وغيرها، والقسم الأدبي الذي يشمل المواد الأدبية، اللغة العربية، والتربية الإسلامية بتعمق، والفلسفة، والتاريخ، وغيرها من التي يلزم فيها الحفظ.
وأنا أيدولوجيتي أدبية، أحب الحفظ، وأعشق اللغة العربية، والأدب العربي، ولديَّ شغف كبير بالفلسفة، وأحب أن أتفقه في الدين، لديَّ آمال كبيرة، وطموحات في هذا المجال، ولكن والدتي أجبرتني على أن أدرس العلمي، حتى أصبح طبيبا، ولكنني أمسيتُ وكأنني مقيد أسير نحو طموح ليس لي، أو أحقق أحلام غيري، مع عدم تقبلي العلم المُقاد إليه، أنا الآن في آواخر السنة، وأنتظر الامتحانات النهائية، حتى أستلم إفادة التخرج من المرحلة الثانوية قسم العلمي، لأنتقل إلى الجامعة، وأدرس الطب، أشعر الآن بالندم، وأن أمي دمرت حياتي، وبدأ يتنامى الحقد في قلبي تجاهها، ماذا أفعل لعلاج هذا الأمر؟ وهل هناك إثم إذا تعمدت الحصول على نسبة ضعيفة؛ حتى لا يقبلوني في كلية الطب؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنصيحتنا لك؛ أن تجتهد في دراستك، وتبذل قصارى جهدك، وتتوكل على الله تعالى، وتخلص نيتك لله تعالى، وتحتسب أجر طاعتك لأمّك في اختيار التخصص الدراسي، ولا تندم على ذلك، ولا تحقد على أمّك، أو تغيّر قلبك نحوها؛ فهي على أية حال تريد لك الخير، فالتخصص في علوم الطب عظيم النفع، وقد جاء عن الإمام الشافعي -رحمه الله-في شأن الطب: لا أعلم علما بعد الحلال والحرام، أنبل من الطب، إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه.

قال حرملة: كان الشافعي يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب، ويقول: ضيعوا ثلث العلم، ووكلوه إلى اليهود والنصارى. انتهى من سير أعلام النبلاء.

وأبشر ببركة برّك بأمّك، وإحسانك إليها؛ فبرّ الأمّ من أفضل الطاعات، ومن أعظم أسباب رضوان الله تعالى عن العبد وتوفيقه له.
واعلم أنّ تخصصك في العلوم الطبية لا يمنعك من دراسة العلوم الشرعية والعربية والأدبية وغيرها، وكم من طبيب ماهر في الطب، وهو مع ذلك متقن لعلوم الشريعة، أو اللغة، أو الأدب، أو الفلسفة، أو غيرها.

ومع ذلك؛ فإن وجدت نفسك غير متهيئ لدراسة الطب، ولا تقدر على إتقانه؛ فلا حرج عليك في التحول إلى الدراسة التي تناسبك، مع مداومة برّ أمك، والإحسان إليها.

ونوصيك بالإقبال على الله تعالى، وكثرة دعائه أن يلهمك الصواب.

والله أعلم.