عنوان الفتوى : الدعوة إلى الله لا تكون بما نهى الله عنه
أنا مستخدم للإنترنت منذ وقت طويل... وكانت لي صداقات مع الجنس الآخر، ومن بينها كانت هناك علاقات حب واضحة، وأحيانا على علم من أهلي، وكنت أفكر فى أي علاقة أن تنتهي بالزواج، وكان وقتها الدين يشغل حيزا ضئيلا في حياتي... إلي أن تعرفت إلى فتاة من دولة أستونيا وهي مسيحية ولكن تطورت هذه العلاقة إلى الحب، ولم تكن العلاقة تحتوي على أي شيء أخجل من قوله.. فكنا نتكلم كثيراً عن الزواج وعن الأولاد وكنت سعيدا بهذا، فبدأت في البحث عن أي شيء يتعلق بالإسلام.. وقمت بشراء كثير من الكتب للشيخ أحمد ديدات وبدأت في الحديث معها في الإسلام بنية الدعوة إلى دين الله، وأثناء مناقشة هذا الأمر مع أحد أصحابي قال لي إن ما أفعله خطأ تماما وإن الله لن يتقبل كل هذا لأنني أستعمل الطريق الخطأ في الدعوة، حيث إنه لا يجب أن أتكلم مع امرأةلا تحل لي حتى ولو كان في سبيل الدعوة إلى الإسلام.. فكان ردي بأنني معها أكثر تدينيا وأتعلم معها في ديني أكثر فكنت قبلها لست ملتزما ومعها تعلمت الكثير فى دينى، ولكنه أصر على كلامه وقال لي إن الله لن يغفر لي كوني أتحدث مع امرأة لا تحل لي... فلقد تحولت من الأسوأ إلى الأحسن في هذه العلاقة بالإضافة إلى أن كل حديثنا لا يحتوي على شيء يخدش الحياء، فلم ابتعد بهذه العلاقة عن الصلاة أوعن التدين بل أصبحت أكثر علما وأكثر قابلية للدعوة خصوصا للنصارى، وأهلي على علم تام بهذه العلاقة ولكنهم لا يؤيدون موضوع الزواج ولكن الحديث عن هذا سابق لأوانه..أهلها أيضا يعلمون بعلاقتنا ولكن بالطبع لا يعلمون بحديثي معها عن الإسلام....! أما بالنسبة لموضوع الشهوة وأقصد بها (النظر والكلام) فأنا لا أفكر فى أي من هذا تجاه هذه الفتاة.. ببساطة لأنها ستكون زوجتي المستقبلية، بالإضافة إلى حديثنا في الدين.. فلا يوجد وقت تقريبا للشعور بهذا،أنا أعلم الأسباب التي حرم الإسلام الحديث مع المرأة.. ولكن نحن بعيدان عن أغلبها، فأنا أشعر أن الإسلام سيكون له شأن كبير بسببي إن شاء الله في هذه الدولة.. فإن لي نية من الآن أن أبني جامعاً في هذه الدولة..أتمنى من فضيلتكم أن تكون قد تفهمت موقفي، وأنا أعلم أن الإسلام لا يعرف حالات استثنائية.. ولكن أردت أن أعرف رأي فضيلتكم.. هل أستمر أم أتوقف ثم أقابلها بعد سنوات للزواج مباشرة؟ وإذا توقفت عن الكلام معها الآن فهي فى أمس الحاجه لمعرفة دين الإسلام، وشرح الكثير من الأمور الملتبسة للغرب عن الإسلام، مع العلم بأني أتكلم معها وقتاً طويلاً جداً لشرح الآيات أذكر في إحدى المرات أننا تحدثنا لمدة 6 ساعات كاملة في قصة بدء الخلق في سورة البقرة.. وأحد الأصدقاء قال لي إنه يمكن إرسال بعض المواقع المترجمة لكي تتعرف على الإسلام، ولكن هذه التجربة جاءت بالفشل، فبالفعل أرسلت لها بعض المواقع ولكنها لم تستوعب الكثير منها والتبست عليها الأمور، وجاءتني فى اليوم التالي باستفسارات كثيرة، فماذا أفعل، هل استمر أم أتوقف؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم -وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى- أن إقامة مثل ما ذكرته من علاقة بينك وبين تلك الفتاة المسيحية أمر محرم، ولا تبرره نية الزواج منها ولا ما يتوقع من إسلامها، ولا ما زعمت أنه ترتب عليها من تمسكك بالدين وقابليتك للدعوة ونحو ذلك.
فأنت مطالب بأن تقوي إيمانك وتخلص في عبادتك وتدعو إلى ربك بالطرق الشرعية، لا بما نهى الله عنه من خلوة بالأجنبية ورؤية لما لا يحل واستماع وممارسة من أي نوع كانت، وحتى إذا لم تكن ثمت شهوة -وهو ما يستبعد جداً- فإنك رغم ذلك مأمور بالابتعاد عن أماكن الفتن، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].
وفي حديث الشيخين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم.
وفي كل ذلك لم يقيد النظر ولا الخلوة بالشهوة، فتلك حدود حدها الله ويجب الوقوف عندها، هذا إذا كنت تقابلها وتخلو بها، أما إذا كنت تكتب لها شيئاً من ذلك أو تحدثها عبر وسائل الاتصال بما يرغبها في الإسلام وأمنت على نفسك الفتنة، فلا بأس إن شاء الله.
ثم إذا كنت ترى المصلحة في التزويج من هذه الفتاة فلا مانع من أن تتقدم لخطبتها إذا كانت عفيفة، ثم لك بعد التزوج منها أن تدعوها وتمارس معها سائر ما تريد، فإن حصل مانع من ذلك فلتوقف علاقتك بها، ولتتب إلى الله من جميع ما مضى وتنتظر اليوم الذي تباح فيه الصلة بينكما.
والله أعلم.