عنوان الفتوى : تشغيل تسجيل القرآن الكريم عند زيارة القبر
السؤال
هل يجوز تشغيل القرآن عند قبر المتوفى أثناء الزيارة على سورة يس مثلًا، أم إن هذا حرام؟ وهل ثواب هذا يصل للمتوفى؟ وغرضي أن يسمع القرآن؛ لأنه كان يحبّه جدًّا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفعل المذكور حكمه حكم قراءة القرآن مباشرة من الزائر عند القبر، فلا فرق بين أن يُقرأ القرآنُ على القبر من جهاز تسجيل، وبين أن يقرأه الزائرُ بنفسه، فكلاهما قراءةٌ على القبر، وقد اختلف الفقهاء في القراءة على القبر؛ فمنهم من يرى أنه مكروه، ومنهم من يرى أنه جائز، ومنهم من يرى أنه جائز عند الدفن فقط مكروه بعدها، ورجّحنا في الفتوى: 14865 الكراهة مطلقًا، وذكرنا في الفتوى: 110213 أن القول بالكراهة هو قول مالك، وأبي حنيفة، وجمهور السلف، وحديث: اقرؤوا يس على موتاكم. ضعَّف إسناده كثير من أهل العلم بالحديث، وأعلوه بثلاث علل:
أولها: جهالة أبي عثمان أحد رواته.
وثانيها: جهالة أبيه.
وثالثها: الاضطراب، ونقل أبو بكر بن العربي عن الدار قطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن, ولا يصح في الباب حديث. وانظري الإرواء للألباني تحت رقم: 688.
ولو فُرض أن الحديث صحيح؛ فإنه ليس صريحًا في أن المقصود به القراءة على القبر، بل ربما كان المقصود به القراءة عند الاحتضار، مثل حديث: لقنوا مَوْتَاكُم: لَا إِلَه إِلَّا الله.
وهذا هو الذي رجحه ابن القيم في كتابه: الروح؛ لعدة أمور:
منها: أن هذا هو الذي جرى عليه عمل النَّاس، وعادتهم قَدِيمًا وحديثًا، يقرؤون {يس} عِنْد المحتضر.
ولأن الصَّحَابَة لَو فَهموا من قَوْله اقرؤوا: {يس} عِنْد مَوْتَاكُم قرَاءَتهَا عِنْد الْقَبْر؛ لما أخلوا بِهِ، وَكَانَ ذَلِك أمرًا مُعْتَادًا مَشْهُورًا بَينهم.
ولأن انتفاعه باستماعها، وَحُضُور قلبه وذهنه عند قرَاءَتهَا فِي آخر عَهده بالدنيا، هُوَ الْمَقْصُود، وَأما قرَاءَتهَا عِنْد قَبره، فَإِنَّهُ لَا يُثَاب على ذَلِك؛ لِأَن الثَّوَاب إِمَّا بِالْقِرَاءَةِ، أَو بالاستماع، وَهُوَ عمل، وَقد انْقَطع من الْمَيِّت. كذا قال -رحمه الله-.
وبهذا تعلمين أن ما تفعلينه عند القبر من تشغيل تسجيل للقرآن، ليس من السنة، ولا ينتفع به الميت.
والله أعلم.