عنوان الفتوى : آثار الدعاء للميت وهبة القربات والصدقات له
السؤال
هل دعائي لأمي وتصدقي عنها، يمكن أن يغير مصيرها من النار إلى الجنة، وينقص سيئاتها، ويزيد من حسناتها؟
لقد توفيت أمس، وأريد أن أعرف ماذا يفيدها لأفعله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرحم الله أمك وغفر لها، وأحسن عزاءكم فيها.
واعلم أن ما ذكرته مما قد يغير من مصير أمك، ويكفر سيئاتها ويزيد في حسناتها -إن شاء الله- فإن دعاءكم واستغفاركم لها، وما تجعلونه لها من القربات هو مما يخفف الله عنها به -بإذن الله- ويرفع به درجاتها، ويوجب لها به السعادة.
فأسباب التكفير عن المسلم كثيرة، أوصلها شيخ الإسلام ابن تيمية إلى عشرة أسباب، ومن ضمنها ما يصله من دعاء المسلمين واستغفارهم له، وما يهبونه له من ثواب القربات.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في منهاج السنة: السبب الرابع: دعاء المؤمنين: فَإِنَّ صَلَاةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمَيِّتِ، وَدُعَاءَهُمْ لَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ. وَكَذَلِكَ دُعَاؤُهُمْ وَاسْتِغْفَارُهُمْ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجَنَازَةِ. وَالصَّحَابَةُ مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَدْعُونَ لَهُمْ. ...
السبب السادس: ما يُفعل بعد الموت من عمل صالح يهدى له: مِثْلُ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ، وَيَحُجُّ عَنْهُ، وَيَصُومُ عَنْهُ. فَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ ذَلِكَ يَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ وَيَنْفَعُهُ، وَهَذَا غَيْرُ دُعَاءِ وَلَدِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِهِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ، وَدُعَاؤُهُ مَحْسُوبٌ مِنْ عَمَلِهِ، بِخِلَافِ دُعَاءِ غَيْرِ الْوَلَدِ: فَإِنَّهُ لَيْسَ مَحْسُوبًا مِنْ عَمَلِهِ، وَاللَّهُ يَنْفَعُهُ بِهِ. انتهى.
فعليكم أن تجتهدوا في الدعاء والاستغفار لها، فهو من أعظم ما ينفعها الله به، وأي قربة فعلتموها من صدقة أو غيرها وجعلتم ثوابها لها، فإن ذلك ينفعها بإذن الله، وانظر الفتوى: 111133.
والله أعلم.