عنوان الفتوى : الفصل بين خطبتي الجمعة بالإعلانات!
يقدِّم المسجد بين خطبتي الجمعة إعلانات، مثل البرامج، أو الوفيّات، أو تحديثات بناء المسجد، وما إلى ذلك؛ لأن هذا هو الوقت الذي يجتمع فيه مُعظَم الجالية المسلمة، ويولون الإنتباه، فهل لا يزال بإمكاني الصلاة هناك؟
الحمد لله.
من السنة أن يجلس الخطيب بين خطبتي الجمعة، كما ورد في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا ) رواه البخاري (928) ومسلم (861) ولفظه عنده: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ ).
لكن بيّن أهل العلم أن هذه الجلسة خفيفة وليست بالطويلة.
قال ابن حجر رحمه الله تعالى:
" وقدرها من قال بوجوبها بقدر جلسة الاستراحة ، وبقدر ما يقرأ سورة الإخلاص ، واختلف في حكمتها ، فقيل : للفصل بين الخطبتين ، وقيل : للراحة ، وعلى الأول وهو الأظهر يكفي السكوت بقدرها" انتهى من "فتح الباري" (2/406).
وقال الشيخ محمد بن علي بن آدم الإثيوبي رحمه الله تعالى:
" أي: جلسة خفيفة، ولم يَرِد في الحديث ما يُبيّن مقدارها، قال العلامة المباركفوريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم يرد تصريح بمقدار الجلوس بين الخطبتين في حديث الباب، وما رأيته في حديث غيره، وذكر ابن التين أن مقداره كالجلسة بين السجدتين، وعزاه لابن القاسم، وجزم الرافعيّ وغيره أن يكون بقدر سورة الإخلاص" انتهى من "البحر المحيط" (17/220).
فإن طال هذا الفصل بين الخطبتين قطع الموالاة بينهما، فلا تصح الخطبة، ولا الصلاة ، عند جمهور العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" والموالاة شرط في صحة الخطبة، فإن فصل بعضها من بعض، بكلام طويل، أو سكوت طويل، أو شيء غير ذلك يقطع الموالاة، استأنفها. والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة. وكذلك يشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة. وإن احتاج إلى الطهارة تطهر، وبنى على خطبته، ما لم يطل الفصل " انتهى من "المغني" (3/181).
وهذا قول الجمهور.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (19 / 178 - 180):
" واتفق الفقهاء على بعض الشروط لصحة الخطبة، وهي: …
الموالاة بين أركان الخطبة، وبين الخطبتين، وبينهما وبين الصلاة.
ويغتفر يسير الفصل، هذا ما ذهب إليه الجمهور، أما الحنفية فيشترطون أن لا يفصل بين الخطبة والصلاة بأكل أو عمل قاطع، أما إذا لم يكن قاطعا كما إذا تذكر فائتة وهو في الجمعة فاشتغل بقضائها أو أفسد الجمعة فاحتاج إلى إعادتها، أو افتتح التطوع بعد الخطبة فلا تبطل الخطبة بذلك؛ لأنه ليس بعمل قاطع، ولكن الأولى إعادتها، وإن تعمد ذلك يصير مسيئا " انتهى.
وبناء على هذا؛ فإن كانت هذه الإعلانات طويلة عرفا، فهي تبطل الخطبة على قول الجمهور.
والحاصل؛ أن عليك نصيحتهم بالالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء صلاة الجمعة وذلك بالاكتفاء بالخطبة والصلاة، خاصة وأنه يمكنهم القيام بهذه الإعلانات عند اجتماع غالب المصلين قبيل صعود الإمام على المنبر، أو بعد الصلاة ، فإن لم يستجيبوا فاذهب إلى مسجد آخر ولا تعرض صلاتك للبطلان.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |