عنوان الفتوى : حكم الانتفاع بالفوائد البنكية وشهادات الاستثمار لمن كان جاهلا أنها ربا
السؤال
كنت قد بحثت في أمر الفوائد البنكية، وشهادات الاستثمار كثيرا، وفي النهاية قررت أن أثق بفتواكم بأنها ربا، ولا تجوز، فقررت التوبة.
قبل معرفتي بأنها ربا قمت بالتسجيل في شهادة استثمار بالفعل (ذات عائد ثابت) أي أني قد عرفت أنها ربا بعد تسجيلي بشهادة الاستثمار.
فهل يجوز لي أخذ مال هذه الشهادة، وعدم الاستثمار من بعدها في مثل تلك الشهادات؟ أم لا يجوز؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض أهل العلم أن ما اكتسبه المرء من معاملة محرمة -جاهلا بحرمتها- أنه لا حرج عليه في الانتفاع به؛ لقوله تعالى في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة: 275}.
قال الشيخ ابن عثيمين في تفسيره: إن كان جهلًا منه، ولا يدري أنه حرام، فإن توبته تجب ما قبلها، وهو له, لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:275]. وأما إذا أخذه وهو يعلم أنه حرام، لكنه كان ضعيفًا في الدين، قليل البصيرة, فهنا يتصدق به. اهـ.
وعلى هذا؛ فإن كنت دخلت في المعاملة جاهلا بحرمتها؛ فلا حرج عليك في الانتفاع بما اكتسبته منها قبل علمك بحرمتها، واستهلكته. وأما ما لم تقبضه من تلك الفوائد حتى علمت بالتحريم، فتخلص منه بدفعه للفقراء والمساكين، وخذ رأس مالك فقط، إلا إذا كنت فقيرا محتاجا، فلك الانتفاع بتلك الفوائد بقدر حاجتك، كما يقول الإمام النووي: وله -أي حائز المال الحرام- أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرا، وله أن يأخذ حاجته لأنه أيضا فقير. انتهى.
وعليك الإقلاع عن تلك المعاملة المحرمة، وترك الاستثمار فيها فيما يستقبل. والسبل المشروعة للاستثمار كثيرة لمن تحراها وابتغاها، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.