عنوان الفتوى : هبة ثواب المشاركة في المشاريع الخيرية للأموات
أنا عضو في لجنة "مسجد دار القرآن" والذي يتم بناءه الآن في مدينة نيويورك والمشرف على الانتهاء في منطقة تسمى بيشور/لونغ آيلند. ومن باب الحث على جمع التبرعات قام رئيس اللجنة بسؤال المسلمين على دفع مبلغ 1000 دولار لمن يرغب بأن يقوم المسجد بزرع شجرة على روح والد أو والدة المتبرع (المتوفى) ووضع لوحة باسم المتوفي تحت أو حول الشجرة التي سيتم زرعها في حديقة المسجد.و
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المساهمة في بناء المساجد أو المشاريع الخيرية لا شك أنها من أجل ما يتقرب به إلى الله عز وجل، وأن أجرها عظيم، وهي من الصدقات الجارية التي تنفع الإنسان بعد موته، ويجري عليه ثوابها وهو في قبره، وإن وهب ثوابها لميته لحقه إن شاء الله، لا سيما إذا كان أحد أبويه، وكما أن الصدقة فيها الخير الكثير لمن أخرجها وتبرع بها، فإن الدال عليها هو الآخر له مثل أجر صاحبها.
وعليه، فإن قيام رئيس اللجنة المذكورة بجمع المال للمسجد أو لواحقه ومتمماته لإنشاء حديقة أشجار -ذات قيمة تفيد المسلمين في مصالحهم- لاشك أنه عمل طيب يثاب عليه، وأن المساهمين المتبرعين يثابون وإن وهبوا ثواب تبرعاتهم تلك لأمواتهم يصلهم إن شاء الله ذلك الثواب، والدليل هو ما في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم من أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن أمي افتتلت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم.
لذا، فإنا نقول: إذا كان ما يقوم به رئيس اللجنة هو جمع المال لهذا الغرض الذي ذكرنا، فلا حرج فيما يقوم به، وأجر الصدقات لمن وهب له كما قدمنا، لكن الأولى تجنب وضع تلك اللوائح، لأن إخفاء الصدقات خير من إعلانها، ولأن البدع والمباهاة تدخل في هذا الباب بكثرة وخصوصا في هذا الزمن، مع أنه لا داعي له لأن الله عز وجل هو الذي يثيب، وهو يعلم نية المتصدق ومن تصدق عليه وما تصدق به.
ثم إنه يخشى على المتصدق في حال كتابة اسم والده أن يتسرب إلى قلبه الرياء فيضيع عليه ثواب عمله، وننبه إلى أنه ينبغي زرع أشجار مثمرة، يستفيد المصلون والمارة من ثمرها، فيكثر ثواب من جعلت الصدقة له.
والله أعلم.