عنوان الفتوى : حد اللائط البكر والثيب
بسم الله نوعية القتل ؟ من يقوم بالقتل ؟ علماء الدين أو ما رأيكم في هده الفتوى: أنا مسلم ملتزم، وأسلمت قبل فترة طويلة، تم التحرش بي جنسياً وأنا طفل، وأصبحت الآن أُثار غريزيّاً للرجال والنساء، وهذا شيء أجده في نفسي، لا أدري كيف أتخلص منه، أنا لا أفعل المعصية دائماً ولكنني أفعلها أحياناً وأندم على فعلها لأن الله لا يحب هذا الانحراف الجنسي، والمشكلة أنني لا أستطيع ولم أستطع أن أساعد نفسي، حاولت كثيراً أن أتغير ولكن دون فائدة، طلبت من الله المعونة واعترفت لبعض المسلمين لكي يساعدوني وذهبت للطبيب النفسي، أحب الله وأحب دينه وتصرفاتي تعكس هذا الحب، ودائماً أحاول التقرب لله، حيث إنني وقعت في هذا المرض، فقد عرفت لماذا أمرت الشريعة بقتل اللوطي، جميع أصدقائي مسلمون ومتمسكون بالدين، ولكن الشيطان قد يحاول أن يدمر إيماني أنا وأصدقائي، أرجو أن تساعدني وتخبرني بالحل ولو تكلف هذا ذهابي لأي مكان في العالم لأنني لا أريد أن أقترف هذا الذنب مرة أخرى، ولا أريد أن أكون خطراً على أي شخص من عباد الله. الجواب: الحمد لله سنتكلم معك في نقاط أربعة ولن نزيد عليها ، فنرجو منك الانتباه والقراءة بتمهل وتمعن، وهذه النقاط الأربع هي: قبح وشناعة فاحشة اللواط، والآثار المترتبة عليها من حيث المخاطر الصحية، وبيان سعة رحمة الله للتائبين، وطرق العلاج لمن ابتلي بهذه الفاحشة. أما الأمر الأول: وهو قبح وشناعة فاحشة اللواط: فقد قال ابن القيم –عن قوم لوط-: قال أصحاب القول الأول -وهم جمهور الأمة، وحكاه غير واحد إجماعاً للصحابة-: ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل -كما سنبينه إن شاء الله تعالى- قالوا: ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوطٍ أحداً من العالمين، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمَّة غيرهم، وجمع عليهم أنواعاً من العقوبات: من الإهلاك، وقلب ديارهم عليهم، والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، وطمس أعينهم، وعذَّبهم، وجعل عذابهم مستمراً، فنكل بهم نكالاً لم ينكله بأمَّة سواهم، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة، التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شهدوها خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها. وقتْل المفعول به خيرٌ له من وطئه، فإنه إذا وطأه الرجل قتله قتلا لا تُرجي الحياة معه، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد، وربما ينتفع به في آخرته، وقال: وأطبق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله، لم يختلف منهم فيه رجلان، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله، فظنَّ بعض الناس ذلك اختلافاً منهم في قتله، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابة، وهي بينهم مسألة إجماع، ومن تأمل قوله سبحانه {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً} الإسراء: 32، وقوله في اللواط:{أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} الأعراف:80، تبين له تفاوت ما بينهما؛ فانه سبحانه نكَّر الفاحشة في الزنا، أي: هو فاحشة من الفواحش، وعرَّفها في اللواط، وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة... ثم أكد سبحانه شأن فحشها بأنها لم يعملها أحد من العالمين قبلهم فقال:{ما سبقكم بها من أحد من العالمين}، ثم زاد في التأكيد بأن صرَّح بما تشمئز منه القلوب، وتنبو عنها الأسماع، وتنفر منه أشد النفور، وهو إتيان الرجل رجلا مثله ينكحه كما ينكح الأنثى، فقال:{ أئنكم لتأتون الرجال }، ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر عليه الرجال، وقلبوا الطبيعة التي ركَّبها الله في الذكور، وهي شهوة النساء دون الذكور، فقلبوا الأمر، وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء، ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها، وكذلك قلبهم، ونكسوا في العذاب على رؤوسهم، ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن حكم عليهم بالإسراف وهو مجاوزة الحد، فقال:{بل أنتم قوم مسرفون}. فتأمل هل جاء ذلك –أو قريبٌ منه- في الزنا، وأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله {ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث}، ثم أكَّد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح فقال:{إنهم كانوا قوم سوء فاسقين} الأنبياء:74، وسماهم مفسدين في قول نبيهم فقال: {رب انصرني على القوم المفسدين} الأنبياء:75، وسماهم ظالمين في قول الملائكة لإبراهيم عليه السلام:{إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين} العنكبوت:31. فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ومن ذمه الله بمثل هذه الذمات، وقال: ذهبت اللذات، وأعقبت الحسرات، وانقضت الشهوات، وأورثه الشقوات، تمتعوا قليلاً، وعُذبوا طويلاً، رتعوا مرتعاً وخيماً، فأعقبهم عذاباً أليماً، أسكرتهم خمرة تلك الشهوات، فما استفاقوا منها إلا في ديار المعذَّبين، وأرقدتهم تلك الغفلة فما استيقظوا منها إلا وهم في منازل الهالكين، فندموا والله أشد الندامة حين لا ينفع الندم، وبكوا على ما أسلفوه بدل الدموع بالدم، فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين إطباق الجحيم وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم، ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون:"ذوقوا ما كنتم تكسبون" {اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون} الطور:16.( الجواب الكافي ص 240 – 245) مختصراً. وأما الأمر الثاني: فهو ما تسببه هذه الفاحشة من مضار صحيَّة: قال الدكتور محمود حجازي في كتابه (الأمراض الجنسية والتناسلية) -وهو يشرح بعض المخاطر الصحية الناجمة عن ارتكاب اللواط-: إن الأمراض التي تنتقل عن طريق الشذوذ الجنسي (اللواط) هي: 1. مرض الأيدز، وهو مرض فقد المناعة المكتسبة الذي يؤدي عادة إلى الموت. 2. إلتهاب الكبد الفيروسي. 3. مرض الزهري. 4. مرض السيلان. 5. مرض الهربس. 6. التهابات الشرج الجرثومية. 7. مرض التيفوئيد. 8. مرض الأميبيا. 9. الديدان المعوية. 10. ثواليل الشرج. 11. مرض الجرب. 12. مرض قمل العانة. 13. فيروس السايتوميجالك الذي قد يؤدي إلى سرطان الشرج. 14. المرض الحبيبي اللمفاوي التناسلي. ثالثاً: ومما سبق يتبين عظم وقبح وشناعة هذه الفاحشة، وما يترتب على فعلها من آثار ضارة، ومع ذلك فالباب مفتوح لتوبة العاصين، والله تعالى يفرح بتوبتهم، وتأمل قول الله تعالى:{والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ولا يزنون* ومن يفعل ذلك يلق أثاماً* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً} الفرقان:68–70. وعند التأمل في قوله تعالى: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} يتبين لك فضل الله العظيم، وقد قال المفسرون هنا معنيين للتبديل: الأول : تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة كإبدالهم بالشرك إيماناً وبالزنا عفة وإحصاناً وبالكذب صدقاً وبالخيانة أمانة وهكذا. والثاني: تبديل السيئات التي عملوها بحسنات يوم القيامة. فالواجب عليك التوبة إلى الله توبة عظيمة، واعلم أن رجوعك إليه سبحانه هو خير لك ولأهلك ولإخوانك وللمجتمع كافة، واعلم أن الحياة قصيرة، وأن الآخرة خير وأبقى، ولا تنس أن الله تعالى أهلك قوم لوط بما لم يهلك بمثله أحداً من الأمم غيرهم. رابعاً: وأما العلاج لمن ابتلي بهذه المصيبة: 1- الابتعاد عن الأسباب التي تيسر لك الوقوع في هذه المعصية وتذكرك بها مثل: - إطلاق البصر، والنظر إلى النساء أو الشاشات. - الخلوة بأحد من الرجال أو النساء. 2- اشغل نفسك دائماً بما ينفعك في دينك أو دنياك كما قال الله تعالى: (فإذا فرغت فانصب) فإذا فرغت من عمل في الدنيا فاجتهد في عمل من عمل الآخرة كذكر الله وتلاوة القرآن وطلب العلم وسماع الأشرطة النافعة... وإذا فرغت من طاعة فابدأ بأخرى، وإذا فرغت من عمل من أعمال الدنيا فابدأ في آخر... وهكذا، لأن النفس أن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فلا تدع لنفسك فرصة أو وقت فراغ لتفكر في هذه الفاحشة. 3- قارن بين ما تجده من لذة أثناء هذه الفاحشة، وما يعقب ذلك من ندم وقلق وحيرة تدوم معك طويلاً، ثم ما ينتظر فاعل هذه الفاحشة من عذاب في الآخرة، فهل ترى أن هذه اللذة التي تنقضي بعد ساعة يقدمها عاقل على ما يعقبها من ندم وعذاب، ويمكنك لتقوية القناعة بهذا الأمر والرضا به القراءة في كتاب ابن القيم (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) فقد ألفه رحمه الله لمن هم في مثل حالك –فرج الله عنا وعنك-. 4- العاقل لا يترك شيئاً يحبه إلا لمحبوب أعلى منه أو خشية مكروه، وهذه الفاحشة تفوت عليك نعيم الدنيا والآخرة، ومحبة الله لك، وتستحق بها غضب الله وعذابه ومقته، فقارن بين ما يفوتك من خير، وما يحصل لك من شر بسبب هذه الفاحشة، والعاقل ينظر أي الأمرين يقدّم. 5- وأهم من ذلك كله: الدعاء والاستعانة بالله عز وجل أن يصرف عنك هذا السوء، واغتنم أوقات الإجابة وأحوالها، كالسجود، وقبل التسليم من الصلاة، وثلث الليل الآخر، ووقت نزول المطر، وفي السفر، وفي الصيام، وعند الإفطار من الصيام. نسأل الله أن يلهمك رشدك، وأن يتوب عليك، ويجنبك سوء الأعمال والأخلاق . والله تعالى أعلم. الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأرجح الروايات في حد اللائط أنه الرجم بالحجارة حتى يموت بكراً كان أو ثيباً، وهذا قول علي وابن عباس وجابر بن زيد وعبد الله بن معمر، والزهري، وأبي حبيب، وربيعة، ومالك، وإسحاق، وهو رواية عن كل من الشافعي وأحمد.
وقد روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. وهو حديث صحيح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1869.
أما الذي يقوم بالقتل، فإنه الحاكم، فالله تعالى يريد إقامة المجتمع الإسلامي على أحسن سبيل، فلم يتركه للفوضى واضطراب الأمور، ولذلك جعل أمر تنفيذ الحدود إلى الحاكم، فلا يجوز أن يقوم بها غيره، وراجع فيه الفتوى رقم: 23258.
ثم إن الفتوى التي تسأل عنها فتوى صحيحة من حيث المضمون، جيدة من حيث المنهج والأسلوب.
والله أعلم.