عنوان الفتوى : ما حكم الجهر والإسرار بالقراءة في السنن الرواتب؟
صليت سنة المغرب جهرا في أول ركعة، فلما قمت للثانية نسيت جهر الأولي وأسررت فيها، ثم بعد ذلك سجدت سجدتي سهو، فهل صلاتي صحيحة ؟
الحمد لله.
أولا:
الجهر في الصلاة الجهرية ، والإسرار في الصلاة السرية : سنة وليس واجبًا ، فمن أسر في صلاة جهرية ، أو جهر في صلاة سرية ؛ فصلاته صحيحة ، لكنه خالف بذلك السنة المعهودة من فعله عليه الصلاة والسلام .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية ليس على سبيل الوجوب بل هو على سبيل الأفضلية ، فلو أن الإنسان قرأ سراً فيما يشرع فيه الجهر لم تكن صلاته باطلة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن ) ولم يقيِّد هذه القراءة بكونها جهراً أو سرّاً ، فإذا قرأ الإنسان ما يجب قراءته سرّاً أو جهراً : فقد أتى بالواجب ، لكن الأفضل الجهر فيما يسن فيه الجهر مما هو معروف كصلاة الفجر والجمعة .
ولو تعمد الإنسان وهو إمام ألا يجهر فصلاته صحيحة لكنها ناقصة .
أما المنفرد إذا صلى الصلاة الجهرية : فإنه يخيَّر بين الجهر والإسرار ، وينظر ما هو أنشط له وأقرب إلى الخشوع فيقوم به " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/73).
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (67672)، وجواب السؤال رقم: (201153).
ثانيًا:
ذهب جمهور العلماء إلى أن السنة في السنن الرواتب هي الإسرار فيها بالقراءة .
قال النووي رحمه الله : " وأما السنن الراتبة مع الفرائض : فيسر بها كلها؛ باتفاق أصحابنا .
ونقل القاضي عياض في شرح مسلم عن بعض السلف الجهر في سنة الصبح.
وعن الجمهور: الإسرار كمذهبنا" انتهى من "المجموع" (3/357).
ولا حرج أن يسمع الإنسان نفسه بالقراءة في السنن الرواتب، إن كان يترتب على ذلك مصلحة شرعية كالخشوع ودفع الوساوس ونحو ذلك .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يجوز رفع الصوت بالقراءة في الصلاة قليلاً بحيث لا يسمع ذلك إلا أنا؛ لأنني والحال ما ذكر أكون أكثر خشوعاً؟
فأجاب : "إذا كان الإنسان يصلي لنفسه شُرع له أن يفعل ما هو أصلح لقلبه من الجهر والإسرار، إذا كان في صلاة النافلة ليلا، ولم يتأذ بجهره أحد .
فإذا كان حوله من يتأذى بجهره، كالمصلين والقراء والنوّم: شرع له خفض الصوت .
أما في الصلاة النهارية كصلاة الضحى والرواتب وصلاة الظهر والعصر , فإن السنة فيها الإسرار.
ويشرع للإمام أن يجهر بعض الأحيان ببعض الآيات لقول أبي قتادة رضي الله عنه : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمعنا الآية أحياناً) , يعني : في صلاة الظهر والعصر ، والله ولي التوفيق" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (11/126).
والحاصل : أن السنة في راتبة المغرب وغيرها من الرواتب هو الإسرار وهو قول الجمهور ، ولا بأس بالجهر إن كان فيه مصلحة شرعية، بشرط ألا يكون فيه تشويش على أحد .
ولهذا فإسرارك فيها هو الصواب، والجهر فيها خلاف الأصل، فلا معنى لسجودك للسهو حين تركت الجهر!!
لكن صلاتك التي مضت: صحيحة، والأحسن لك فيما بعد ألا تجهر في السنن الرواتب، وإن جهرت أحيانا، أو لمصلحة: فلا بأس.
وينظر السؤال رقم: (112077) .
وبكل حال؛ فصلاتك صحيحة ولا إعادة عليك .
والله أعلم.