عنوان الفتوى : تكفير المسلم بارتكاب المعاصي
السؤال
هل يكفر المسلم بالمعصية، كشرب الخمر مثلًا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم لا يكفر بارتكاب معصية, إلا إذا استحلّها، وكانت مجمعًا على تحريمها -كالخمر, أو الزنى مثلًا-، مع علمه بالتحريم، من غير تأويل، ولم يكن معذورًا بجهل، قال ابن قدامة في المغني: ومن اعتقد حلّ شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه؛ للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير، والزنى، وأشباه هذا، مما لا خلاف فيه، كفر؛ لما ذكرنا في تارك الصلاة.
وإن استحل قتل المعصومين، وأخذ أموالهم، بغير شبهة، ولا تأويل، فكذلك.
وإن كان بتأويل، كالخوارج، فقد ذكرنا أن أكثر الفقهاء لم يحكموا بكفرهم مع استحلالهم دماء المسلمين وأموالهم.
وقد عرف من مذهب الخوارج تكفير كثير من الصحابة، ومن بعدهم، واستحلال دمائهم، وأموالهم، واعتقادهم التقرب بقتلهم إلى ربهم، ومع هذا لم يحكم الفقهاء بكفرهم؛ لتأويلهم.
وكذلك يخرج في كل محرم استحل بتأويل مثل هذا، وقد روي أن قدامة بن مظعون شرب الخمر مستحلًّا لها، فأقام عمر عليه الحد، ولم يكفره. وكذلك أبو جندل بن سهيل، وجماعة معه، شربوا الخمر بالشام مستحلّين لها، مستدلين بقول الله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} [المائدة:93] الآية. فلم يكفروا، وعرفوا تحريمها، فتابوا، وأقيم عليهم الحد، فيخرج فيمن كان مثلهم مثل حكمهم. وكذلك كل جاهل بشيء يمكن أن يجهله، لا يحكم بكفره حتى يعرف ذلك، وتزول عنه الشبهة، ويستحله بعد ذلك. اهـ.
وقال المواق في التاج والإكليل: عياض: وكذا أجمع المسلمون على تكفير كل من استحل القتل، أو شرب الخمر، أو شيئًا مما حرم الله، بعد علم هذا بتحريمه. اهـ.
والله أعلم.