عنوان الفتوى : النساء في الجنة لسن مسجونات في الخيام

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أعلم أن السؤال قد يكون سخيفًا، لكنني أريد حقًا توضيح شكوكي حول نظرة الإسلام للمرأة؛ لأنني لا أحب الأفكار التي يضعها الشيطان في ذهني، وهل يمكن الإجابة على سؤالي على وجه التحديد؟ هل تعنى الآية 27 من سورة الرحمن: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) أن المرأة في الجنة تبقى في خيمة طوال الوقت، ولا يسمح لها بالخروج منها؟ هذا يجعلني أشعر أن المرأة في الجنة ستدخل السجن، ولكن هذا السجن يقع في الجنة، أم إن هذه الآية تشير فقط إلى حصر العين في الخيام؟ وإذا دخلت امرأة من أهل الدنيا الجنة، فهل ستبقى محبوسة في خيمة، أم يسمح لها بمغادرتها للذهاب إلى الحدائق وغيرها من الأماكن؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولًا:

سؤالك يتعلق بقول الله تبارك وتعالى: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) الرحمن/72.

وقد اختلف العلماء في تفسير الآية على قولين:

الأول:

أن معناه أن الحور العين: محبوسات في الخيام؛ لا يخرجن منها.

القول لثاني:

أنهنّ قُصِرْن على أزواجهنّ، فلا يبغين بهم بدلا، ولا يرفعن أطرافهن إلى غيرهم من الرجال.

قال ابن القيم: "وكأن أرباب هذا القول فسروا بأن يكُنَّ محبوسات في الخيام، وليس لا تفارقنها إلى الغرف والبساتين.

وأصحاب القول الأول يجيبون عن هذا: بأن الله سبحانه وصفهن بصفات النساء المخدرات المصونات، وذلك أجمل في الوصف، ولا يلزم من ذلك أنهن لا يفارقن الخيام إلى الغرف والبساتين، كما أن نساء الملوك ودونهم من النساء المخدرات المصونات، لا يمنعن أن يخرجن في سفر وغيره إلى متنزه وبستان ونحوه، فوصفُهن اللازم لهن: القصر في البيت، ويعرض لهن مع الخدم الخروج إلى البساتين ونحوها.

وأما مجاهد فقال: مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ". انتهى، من "حادي الأرواح" (487-486/1).

فالأظهر والله أعلم أنه حتى على القول بأن المقصود هو الحبس في الخيام: أن هذا لا ينفي أنهن يخرجن منها، ويتمتعن بما في الجنة من حلو المناظر وجميل الأماكن.

ثانيًا:

الآية كلها، والخلاف السابق كله هو في الحور العين، ولم تذكر ذلك الأمر في حق نساء بني آدم المؤمنات.

وبالإضافة لكون الآية لا تشمل المؤمنات، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( رأيتني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة. وسمعت خشفة، فقلت من هذا؟ فقال هذا بلال. ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت لمن هذا؟ فقال لعمر: فأردت أن أدخله فأنظر إليه، فذكرت غيرتك) فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار" البخاري(3679).

وفي الحديث ما يشير إلى أن النساء لا يُقصرن بمعنى عدم الخروج، بل لو كانت الجارية هنا من الحور، وهذا هو الظاهر فهو يؤيد قول من قال: إن قصر الحور في الخيام لا يمنع خروجهن.

ثالثًا:

المحكم في ذلك: هو قول الله تبارك وتعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ) النحل/31.

 وقال تعالى: (فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الزخرف/71.

والواجب هو الإيمان بهذه المحكمات، وما تشابه على المؤمن من بعض المسائل كهذه المسألة أو غيرها، يسأل فيه أهل العلم، مع إيمانه بهذا المحكم، وأن هذا المحكم لا يُزال عن مكانه بغير دليل ظاهر الدلالة لا اشتباه فيه.

ويُرجى النظر إلى جواب هذا السؤال: (220101).

والله أعلم.