عنوان الفتوى : هل يشترط لذبح الكتاكيت وأكلها أن يخرج ريشها كاملا ؟
ما حكم ذبح الكتاكيت بعد الفقس وأكلها، أو عندما تصل نصف كيلو؛ لأن البعض يقول لازم يخرج ريشها كامل؟
الحمد لله.
أباح الله تعالى لنا أكل الدجاج.
روى البخاري (5517) ومسلم (4354 ) عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىَّ رضى الله عنه قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ دَجَاجًا".
قال ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (9/648):
"فِيهِ : جَوَازُ أَكْلِ الدَّجَاجِ إِنْسِيِّهِ وَوَحْشِيِّهِ، وَهُوَ بِالِاتِّفَاقِ" انتهى.
والحيوانات التي أحل الله لنا أكلها لم يحدد لذلك سنًّا، مما يدل على أنه يجوز أكلها في جميع أعمارها، صغيرة كانت أم كبيرة.
ولا يجوز تحريم شيء من الأطعمة أو غيرها إلا بدليل من القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة ، قال الله تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) النحل/116.
ولا نعلم أن أحدا من العلماء اشترط أن يُشعر الحيوان، أو أن يبلغ سنًّا أو وزنا معينا حتى يذبح ويأكل.
وإنما اشترط بعض العلماء في الجنين حتى تغني ذكاة أمه عن ذكاته، أن يكون قد أشعر، لأنه بذلك يكون قد اكتمل نموه، فلعل بعض الناس سمع هذا، فظن أن هذا هو الحكم في كل حيوان ، أنه لا يذبح حتى يشعر.
على أن اشتراط الإشعار في الجنين لم تدل عليه السنة، بل ظاهر السنة يدل على عدم اشتراط ذلك .
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (23/76) : "وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم : (ذكاة الجنين ذكاة أمه) جابر وابن عمر وأبو سعيد وأبو أيوب بأسانيد حسان ، وليس في شيء منها ذكر شعر ولا تمام خلق" انتهى .
قال الصنعاني في "سبل السلام" :
"وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا بَعْدَ ذَكَاتِهَا فَهُوَ حَلَالٌ مُذَكًّى بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ ، حَتَّى قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : لَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِاسْتِئْنَافِ الذَّكَاةِ فِيهِ - إلَّا مَا يُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - ؛ وَذَلِكَ لِصَرَاحَةِ الْحَدِيثِ فِيهِ ، فَفِي لَفْظٍ ( ذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ ) أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ ، أَيْ : أَنَّ ذَكَاتَهُ حَصَلَتْ بِسَبَبِ ذَكَاةِ أُمِّهِ ، أَوْ ظَرْفِيَّةٌ لِيُوَافِقَ مَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ أَيْضًا : ( ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ) .
وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْعَرَ ، لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا : ( إذَا أَشْعَرَ الْجَنِينُ فَذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ ) .
لَكِنَّهُ قَالَ الْخَطِيبُ : تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ ، وَهُوَ أَصَحُّ .
وَعُورِضَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : (ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ ، أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ) ، وَفِيهِ ضَعْفٌ لِسُوءِ حِفْظِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ) رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا : قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَرَفْعُهُ عَنْهُ ضَعِيفٌ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ .
(قُلْت) : وَالْمَوْقُوفَانِ عَنْهُ قَدْ صَحَّا، وَتَعَارَضَا؛ فَيُطْرَحَانِ، وَيُرْجَعُ إلَى إطْلَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ " انتهى.
وقد ذكر ابن عبد البر رحمه الله في "الاستذكار" (15/251) أن المراد بكون الجنين "أشعر" أي : تم خلقه سواء أشعر أم لم يشعر ، فقال رحمه الله :
"قِيلَ: أَشْعَرَ، إِذَا تَمَّ خَلْقُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُشْعِرْ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الْمُشْعِرُ التَّامُّ الْخَلْقِ الطَّوِيلُ" انتهى .
فإذا كان لا يشترط في الجنين أن يُشعر ، فعدم اشتراط ذلك في الحيوان المولود، أو الخارج من البيضة : هو من باب أولى .
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (129231).
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
هل يشترط لذبح الكتاكيت وأكلها أن يخرج ريشها كاملا ؟ |