عنوان الفتوى : الاشتراك في منصة الكترونية لتسويق المنتجات مع دفع رسوم!
منذ فترة عُرض علي عمل على الإنترنت عبر منصة تجارة إلكترونية، أو تسويق إعلانات، والذي صممها هم مهندسون من شركة Amazon، وWish، والعمل هو كالآتي: أقوم بإنشاء حساب مجاني على الموقع، ومن ثم أقوم بوضع مبلغ مالي معين مثلاً 50 أو 100 دولار في الحساب، على شكل عملة خاصة بالمتجر، عبر محفظة إلكترونية، وأبدأ كل يوم بترويج المنتجات التي تعرضها الشركة للبيع على هذا المتجر، بما يُسمّى (grab order) بمعدل 40 طلبا كل يوم، وعلى كل طلب آخذ مبلغا ماليا صغيرا، أي نسبة صغيرة ومعلومة بالسنتات، ويضاف هذا المبلغ إلى المبلغ المالي الذي أضفته أول شيء إلى حسابي، وسعر المنتجات المعروضة يتعلق بالمبلغ الذي بدأت به، فكلما كان أكثر عُرضت منتجات بنفس القيمة تقريباً، وهذا المبلغ الصغير آخذه من الشركة، وليس من أي شخص آخر، وهكذا ربما شهر من الزمان يصبح معي أرباح، ويزداد المال في حسابي، وبإمكاني أن أسحب هذا المال في أي وقت، طبعاً يوجد عمولة على السحب لصالح الموقع أو الشركة، وأستطيع سحب المال الذي وضعته بلا أي مشكلة، لكن أبقي مبلغ من المال في حسابي لكي أُكمل العمل اليومي بمعدل 40 طلبا كل يوم، مع العلم أن جميع المنتجات التي أروج لها مباحة في المتجر، وتظهر صورة واسم وسعر المنتج قبل أن أقوم بالترويج له. يعني باختصار العمل يعطيك دخلا شهريا وفقا للمبلغ الذي أودعته إذا عملت، وأني إذا لم أعمل لا أُحصِّل الرزق، والشركة لا أظنّها تضمن رأس المال كما يحصل في حالة القرض الربوي، والله أعلم، أي إذا عملت تكسب، وإذا لم تعمل لا تكسب، والربح الشهري الذي أكسبه ليس فاحشا ربما مثل رأس المال، وربما أقل أو أكثر بقليل. فهل هذا العمل حلال؟
الحمد لله.
يشترط للتسويق عبر الإنترت وغيره ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون الاشتراك مجانا، فإذا كان مقابل دفع رسوم-غير مستردة- كان محرما؛ لأنه من القمار والميسر، وحقيقة الميسر: أنه غُرم محقق، وغُنم محتمل، فيغرم المشترك 50 دولارا، ولا يدري هل يجني مثلها أو أقل أو أكثر.
قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90-91
قال البجيرمي رحمه الله: "والميسر: هو القمار، وهو ما يكون فعله مترددا بين أن يغنم وأن يغرم" انتهى من "حاشية البجيرمي على شرح المنهج" (4/ 376).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فهذا الميسر - وهو كل معاملة دائرة بين الغرم والغنم - لا يدري فيها المعامل هل يكون غانما أو يكون غارما، كله محرم بل هو من كبائر الذنوب، ولا يخفى على الإنسان قبحه إذا رأى أن الله تعالى قرنه بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام" انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/ 441).
وإذا كانت الرسوم التي دفعها تبقى في حسابه، ويمكنه استردادها، فالمعاملة محرمة كذلك؛ لأن هذا المبلغ يعتبر قرضا للمنصة، ويحرم اشتراط القرض مع عقد من عقود المعاوضة كالسمسرة أو البيع أو الإجارة، لما روى الترمذي (1234)، وأبو داود (3504)، والنسائي (4611) عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ) وصححه الترمذي، والألباني.
وليس الأمر من قبيل استثمار المبلغ الذي دفعته، فإن ربحك إنما هو من العمولة على قدر ما تُروجه، وليس بينك وبين الموقع اتفاق على استثمار المبلغ الذي دفعته، فإن وجد اتفاق فلا بد من ضبطه بشروط الاستثمار، وهي:
- عدم ضمان رأس المال.
- الاتفاق على نسبة معلومة شائعة من الربح.
-كون المجال مباحا.
وهذا غير حاصل هنا.
الشرط الثاني: كون السلع التي يراد الترويج لها مباحة؛ لئلا يكون التسويق عونا على المحرم.
الشرط الثالث: كون عمولة التسويق معلومة، كأن يقال: إذا سوقت لعدد معين كان لك كذا.
وقد تبين أن الشرط الأول غير متحقق؛ لكون المنصة تشترط دفع رسوم للاشتراك في التسويق.
وينظر للفائدة جواب السؤال (357127) (106669)، (198784)، (46595).
والله أعلم.