عنوان الفتوى : الرقية والاستشفاء بشرب غسالة أوراق المصحف
السؤال
من فضلك يا شيخ: لي مصحف ممزق، أردت أن أنزع منه سورة الفتح، وأضعها في الماء، وأشرب كتابتها.
هل يجوز هذا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة القرآن ومحوه بالماء وشربه، مما اختلف فيه أهل العلم: هل هو مشروع أم مكروه؟
وقد بوَّب ابن أبي شيبة في مصنفه، بابًا في الرخصة في القرآن يكتب لمن يسقاه، وأخرج فيه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إذا عسر على المرأة ولدها، فيكتب هاتين الآيتين، والكلمات في صحفة، ثم تغسل فتسقى منها: «بسم الله، لا إله إلا هو الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات السبع، ورب العرش العظيم». {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} [النازعات: 46]، {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} [الأحقاف: 35]".
وعن عائشة: «أنها كانت لا ترى بأسا أن يعوذ في الماء، ثم يصب على المريض».
وعن أبي قلابة ومجاهد: «أنهما لم يريا بأسا أن يكتب آية من القرآن، ثم يسقاه صاحب الفزع».
وعن حجاج، قال: أخبرني من رأى سعيد بن جبير يكتب التعويذ لمن أتاه. قال حجاج: وسألت عطاء، فقال: «ما سمعنا بِكَرَاهِيَةٍ إلا من قبلكم من أهل العراق». اهـ
ثم أعقب هذا الباب بذكر من كره ذلك، فأخرج عن إبراهيم النخعي: أنه سئل عن رجل كان بالكوفة يكتب آيات من القرآن، فيسقاه المريض، فكره ذلك. اهـ.
وروى معمر بن راشد في جامعه عن أيوب، قال: رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن، ثم غسله بماء، وسقاه رجلا كان به وجع. اهـ.
وقد لخص ذلك البغوي في باب ما رخص فيه من الرقى من كتاب شرح السنة، ونسب القول بالكراهة للنخعي، وابن سيرين.
ونقل ابن الحاج في المدخل عن المازري أنه قال: لا بأس بالتداوي بالنشرة، تكتب في ورق، أو إناء نظيف سور من القرآن، أو بعض سور أو آيات متفرقة من سورة، أو سور مثل آيات الشفاء. .. وما زال الأشياخ من الأكابر -رحمة الله عليهم- يكتبون الآيات من القرآن والأدعية فيسقونها لمرضاهم، ويجدون العافية عليها. اهـ.
وبذلك أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء، قالت: لا يظهر في جواز ذلك بأس. اهـ.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 4524.
والمقصود أن جمهور العلماء على جواز كتابة شيء من القرآن، ثم شرب مائه. ولا نرى فرقا بين ذلك وبين أخذ المكتوب منه في مصحف ممزق ومحوه بالماء ثم شربه.
والله أعلم.