عنوان الفتوى : الصحابة أعلم الناس بالكتاب والسنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما هي مكانة أقوال الصحابة في العقيدة والأحكام والتفسير؟ وهل قام أحد من العلماء بتخريج أقوالهم تخريجا علميّا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنه لا خلاف بين العلماء في أن الصحابة رضي الله عنهم هم أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تفسيراً وأحكاماً وعقيدة، وذلك للسببين التاليين: الأول: أن القرآن نزل فيهم والرسول صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم وشاهدوا وقائع وأسباب النزول. الثاني: أن القرآن نزل باللغة العربية، وهم أعلم الناس بلغة العرب وأفصحهم. ولأجل ذلك أثنى الله عز وجل عليهم في كتابه وأخبر أنه رضي عنهم، بل أخبر أنه رضي عمن اتبعهم وسار على طريقهم، كما قال الله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]. وتوعد سبحانه من سلك طريقاً غير طريقهم بأنه سيدخله جهنم، فقال الله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:115]. فأقوالهم في التفسير والعقيدة والأحكام هي في القمة وإذا أجمعوا على شيء حرمت مخالفتهم، قال ابن كثير رحمه الله متكلماً عن منزلة أقوال الصحابة في التفسير: فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصحيح. انتهى. وقال ابن القيم: لا ريب أن أقوالهم في تفسيرهم أصوب من أقوال من بعدهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن تفسيرهم في حكم المرفوع. انتهى. وأما تخريج أقوالهم فإن أقوالهم مبثوتة في كتب السنن ودواوين الإسلام، كالكتب الستة ومصنف عبد الرزاق وموطأ مالك ومسند أحمد وكتب ابن عبد البر، وغيرها من الكتب المعلومة. والله أعلم.