عنوان الفتوى : هل يأثم من يترك الجماعة الأولى تهاونا ثم يصلى في الجماعة الثانية؟
حكم تأخير الجماعة الأولى في المسجد تهاونا، ثم اللحاق بالصلاة مع الجماعة الثانية في المسجد؟ وهل يأثم أو لا؟
الحمد لله.
صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال القادرين، في أصح قولي العلماء.
ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ( من سرَّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهن فإنهن من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف).
وفي لفظ ، قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمَنا سنن الهدى ، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه " رواه مسلم ( 654 ) .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (120)، ورقم: (8918)، ورقم: (21498).
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (7/ 285): "س 1، 2: ما حكم صلاة الجماعة، وهل المقصود بالجماعة جماعة المسجد؟
ما حكم صلاة الرجل في بيته من غير عذر، ومنزله قريب من المسجد؟
الجواب: صلاة الجماعة واجبة، ويأثم من تركها بغير عذر، وإذا أطلقت فالمراد بها جماعة المسجد إذا وجدوا، وقدر المسلم على أدائها معهم.
الشيخ عبد الله بن قعود ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
والجماعة التي تجب على من سمع النداء هي الجماعة الأولى، فلا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، ومن فعل ذلك أثم.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: "الذي يتعمد أن يتأخر عن الجماعة ويقول أصلي جماعة بعدهم، ما يجوز. هذا تفرق بين المسلمين، هذا حرام, أما من جاء يصلي مع الجماعة وفاتته الصلاة فلا بأس أن يقيم جماعة ثانية لأنه معذور".
وينظر: جواب السؤال رقم: (98739).
واعلم أن تعمد التأخير لإقامة جماعة ثانية بدعة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم تعدد الجماعة في مسجد له إمام راتب، ومؤذن راتب؟
فأجاب: "تعدد الجماعة على قسمين: القسم الأول: أن يكون ذلك راتباً بحيث تتعمد الجماعة الثانية التأخر، حتى تقيم جماعة أخرى، فهذه بدعة؛ لأن المسجد لا يقام فيه إلا جماعة واحدة..." " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (41/12) .
ثم إنه لا يحصل بما أدركه من الجماعات المتأخرة، ولا الجماعة في منزله، وسوقه .. على أجر الجماعة الأولى، الذي وردت به الأحاديث.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أيضا :" قول القائل : إنهم إذا صلوا في المسجد ، ولو بعد الجماعة الأولى ، فإن لهم أجر سبعِ وعشرين درجة: فهذا ليس بصحيح ، فأجر سبعٍ وعشرين درجة لا يكون إلا في الجماعة الأولى فقط ، أما الثانية: فلا شك أن الصلاة في جماعة أفضل من الصلاة على وجه الانفراد ، لكن كون الجماعة الثانية تنال أجر الجماعة الأولى: فهذا ليس بصحيح ، وإلا لكان كل الناس يذهبون إلى المسجد متى شاءوا ، ويصلون جماعة ويقولون: أخذنا أجر سبع وعشرين درجة ، فهذا لا أعلم أحداً قال به ، أي: أن الصلاة الثانية كالصلاة الأولى في الحصول على أجر سبع وعشرين درجة ؛ فلا أعلم أحداً قال بهذا". انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (44/ 20) بترقيم الشاملة .
وينظر جواب السؤال رقم: (225256).
والله أعلم.