عنوان الفتوى : رتبة حديث: ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية...
السؤال
تعلمت في صغري قصة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أنه في شبابه سمع غناء، وأن الله منَّ عليه بالنوم، فلم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس.
أريد أن أتأكد من هذه القصة هل هي صحيحة أم لا؟
وإذا كانت صحيحة، أريد معرفة مصدر هذه القصة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القصة يرويها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمُّون به، إلا مرتين من الدهر، كلتيهما يعصمني الله منهما، قلت ليلة لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة، في أغنام لأهله يرعاها: أبصر إلى غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة، كما يسمر الفتيان. قال: نعم. فخرجت، فجئت أدنى دار من دور مكة، سمعت غناء وضرب دفوف ومزامير، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: فلان تزوج فلانة، لرجل من قريش تزوج امرأة من قريش، فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني، فما أيقظني إلا حر الشمس، فرجعت فقال: ما فعلت؟ فأخبرته. ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، ففعل، فخرجت، فسمعت مثل ذلك، فقيل لي مثل ما قيل لي، فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني، فما أيقظني إلا مسُّ الشمس، ثم رجعت إلى صاحبي فقال: فما فعلت؟ قلت: ما فعلت شيئًا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته.
رواه إسحاق بن راهويه في مسنده، كما في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر، وإتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري.
قال الحافظ ابن حجر وتبعه البوصيري: هكذا رواه محمد بن إسحاق في السيرة، وهذه الطريق حسنة جليلة، ولم أره في شيء من المسانيد الكبار إلا في مسند إسحاق. وهو حديث حسن متصل ورجاله ثقات. اهـ.
ورواه أيضا ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وصححه على شرط مسلم، ولم يتعقبه الذهبي.
وعزاه القاري في شرح الشفا للبزار بسند صحيح. اهـ. كذا الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رجاله ثقات. اهـ.
ورواه المصنفون في دلائل النبوة، كأبي نعيم والبيهقي، من طريق ابن راهويه.
والله أعلم.