عنوان الفتوى : لا يقبل الإسلام دين الصابئة
من الصابئة؟ أرجو شرح ديانتهم ما اسم كتابهم؟ ما اسم نبيهم؟ هل كتابهم محرف؟ هل يعترف الدين الإسلامي بدينهم؟ هل يعتبرون من أهل الكتاب مثل اليهود و المسيحيين؟ هل يجوز أن يتزوج المسلمون منهم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم الكلام عن الصابئة وعقائدهم، وكثير مما سأل عنه السائل، وذلك في الفتوى رقم: 23568، والفتوى رقم: 30034. وبقي الإجابة عن قول السائل: هل يعترف الدين الإسلامي بدينهم؟ وجوابه: أن الإسلام لا يقبل بأي دين غير الإسلام، لأن الله هو الذي قال ذلك، حيث يقول سبحانه: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران: 85]. وإذا كنت تقصد بالاعتراف الإقرار مع أخذ الجزية، ففي ذلك خلاف بين العلماء، حيث جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إقرار الصابئة في بلاد الإسلام وضرب الجزية عليهم: أما جزيرة العرب: فلا يجوز إقرار الصابئين فيها، كسائر الكفار من المشركين وأهل الكتاب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلما. ، وحديث عائشة آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك في جزيرة العرب دينان. ، وفي المراد بجزيرة العرب خلاف وتفصيل ينظر في مصطلح "أرض العرب" وأما في خارج الجزيرة العربية من سائر بلاد الإسلام، فقد اختلف في إقرار الصابئة فيها على أقوال: فذهب أبو حنيفة إلى جواز إقرارهم فيها وأخذ الجزية منهم بناء على أنهم نصارى، وأن تعظيمهم للكواكب ليس من باب العبادة لها، وقال صاحباه: لا تؤخذ منهم الجزية، لأنهم يعبدون الكواكب كعبادة المشركين للأصنام. وقال المالكية: بجواز إقرارهم كذلك بناء منهم على أن الجزية يجوز أن تضرب على كل كافر، كتابيا كان أو غير كتابي، وذهب الشافعية إلى أن الصابئة يجوز أن تعقد لهم الذمة بالجزية، على القول بأنهم من النصارى إن وافقوهم في أصل دينهم ولو خالفوهم في فروعه ولم تكفرهم النصارى، أما إن كفرتهم اليهود والنصارى لمخالفتهم في الفروع، فقد قيل: يجوز أن يقروا بالجزية وإن لم تجز مناكحتهم، لأن مبنى تحريم النكاح الاحتياط، بخلاف الجزية، وهذا التردد عند الشافعية، إنما هو في الصابئة المشابهة للنصارى (وهم المسمون المندائيين)، أما الصابئة عباد الكواكب: فقد جزم الرملي بأن الخلاف لا يجري فيهم، وأنهم لا يقرون ببلاد الإسلام، قال: ولذلك أفتى الإصطخري والمحاملي الخليفة القاهر بقتلهم، لما استفتى فيهم الفقهاء، فبذلوا له مالا كثيرا فتركهم، والمعتمد عند الحنابلة: أن الجزية تؤخذ منهم، لنص أحمد على أنهم جنس من النصارى، وروي عنه أنهم جنس من اليهود، قالوا: وروي عنه أنهم يقولون: إن الفلك حي ناطق، وإن الكواكب السبعة آلهة، فهم كعبدة الأوثان، أي فلا تؤخذ منهم، ورجح ابن القيم القول الأول، قال: هذه الأمة -يعني الصابئة- فيهم المؤمن بالله وأسمائه وصفاته وملائكته ورسله واليوم الآخر، وفيهم الآخذ من دين الرسل ما وافق عقولهم واستحسنوه، فدانوا به ورضوه لأنفسهم، وعقد أمرهم أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم، ولا يتعصبون لملة على ملة، والملل عندهم نواميس لمصالح العالم، فلا معنى لمحاربة بعضهم بعضا، بل يؤخذ بمحاسنها، وما تكمل به النفوس، وتتهذب به الأخلاق. قال: وبالجملة فالصابئة أحسن حالا من المجوس، فأخذ الجزية من المجوس تنبيه على أخذها من الصابئة بطريق الأولى، فإن المجوس من أخبث الأمم دينا ومذهبا، ولا يتمسكون بكتاب ولا ينتمون إلى ملة، فشرك الصابئة إن لم يكن أخف منه فليس بأعظم منه. اهـ. والله أعلم.