عنوان الفتوى : هل له الزواج من امرأة دون إذن وليها إذا كان مذهبها يجيز ذلك؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

إن كان رجلٌ على المذهب الشافعي يريد الزواج بامرأة على المذهب الحنفي، فهل يصح للرجل الزواج بها دون ولي أمرها؛ لأن مذهبها يشرع ذلك، ضمن شروط معينة: الكفاءة، بينما مذهبه قيد مشروعية النكاح بموافقة الولي، فهل تحل له دون موافقة وليها؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا :

ذهب جمهور العلماء (منهم مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) إلى أنه لا يصح نكاح المرأة إلا بإذن وليها، وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يجوز للمرأة أن تعقد النكاح لنفسها، دون إذن وليها.

والراجح هو قول الجمهور، وقد استدلوا على ذلك بأدلة كثيرة سبق ذكر بعضها في جواب السؤال رقم: (381188).

ثانيا:

إذا كان الرجل يرى عدم صحة النكاح إلا بولي، والمرأة لا ترى ذلك، فلا يجوز له أن يعقد عليها إلا بإذن وليها، لأن عقدة النكاح بيده، وليست بيد المرأة ، فإذا عقد دون إذن وليها، فإنه يعقد عقدا يعتقد تحريمه وبطلانه، وكل مسلم مكلف بما يراه راجحا، إن كان من أهل العلم، أو كان يقلد أحد العلماء المعتبرين.

وقد ذكر العلماء عكس هذه الصورة ، وأفتوا بتحريمها، وهي: إذا كان الرجل يرى إباحة شيء، وآخر يرى تحريمه، فلا يجوز لمن يرى الإباحة أن يعين الآخر على فعله.

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: "(فإن شرط فيه -أي اللعب بالشطرنج- مال من الجانبين، على أن من غلب من اللاعبين فله على الآخر كذا: فقمار، فيحرم بالإجماع ... وكذا إذا لعب به مع معتقد التحريم كما رجحه السبكي وغيره" انتهى.

وقال الرملي في "نهاية المحتاج" (10/217): " نعم ، محلها [أي إباحة اللعب بالشطرنج] إن لَعِب مع معتقد حله، وإلا حرم، كما رجحه السبكي والأذرعي والزركشي وغيرهم، وهو ظاهر؛ لأنه يعينه على معصية حتى في ظن الشافعي؛ لأنا نعتقد أنه يلزمه العمل باعتقاد إمامه... ولأنه أعني الشافعي يلزمه الإنكار عليه، لما مر أن من فعل ما يعتقد حرمته، يجب الإنكار عليه، ولو ممن يعتقد إباحته، وبهذا يندفع ما وقع لبعضهم من النزاع في ذلك" انتهى.

وسئل السخاوي رحمه الله عمن قال : لا يجب على المرء إنكار ما لم يجمع على تركه، هل هو صحيح أم لا؟

فاجاب: " أفاد بعض المحققين أن شرط إنكار المنكر أن يكون الإجماع قد وقع على تركه، قال: واستثنوا أربع صور:

الأولى: من يعتقد التحريم، كواطئ الرجعية، وشارب النبيذ ولو لم يسكر.

الثانية: الحاكم، فإنه يحكم بما يؤدي إليه اجتهاده، ومن ثم قال الشافعي: أحدّ شارب النبيذ ولو كان يعتقد حله، وأقبل شهادته.

الثالثة: إذا كان الخلاف واهيًا بحيث ينتقض بمثله الحكم.

الرابعة: الزوج يمنع زوجته مما يعتقد تحريمه، وإن اعتقدت حله، كما لو شربت المسلمة النبيذ، وكذا الذمية لو شربت الخمر على الصحيح. والله أعلم" انتهى من "الأجوبة المرضية" للسخاوي (1/116).

فإذا كان هذا فيمن يرى الإباحة ، فمن يرى التحريم أولى ، لأنه يفعل ما يعتقد أنه معصية لله تعالى.

وعلى هذا، فلا يجوز لمن يرى عدم صحة نكاح المرأة إلا بإذن وليها أن يعقد على امرأة دون إذن وليها، حتى ولو كانت ترى هي أن ذلك جائز.

والله أعلم.