عنوان الفتوى : صحة الديانة لا تقاس بعدد أتباعها
صديقي يتحدث عن الديانات، ويقارن بينها، ودخل في الإسلام، والنصرانية، وقد قال: إن عدد النصارى في العالم أكثر من المسلمين، فكيف لم ينتشر مثله؟ أرجو منكم الرد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصحة الديانة لا تقاس بعدد أتباعها، بل الحق يبقى حقًّا، ولو قلَّ أتباعه، والباطل يظل باطلًا، ولو كثر معتنقوه، وقد صرح القرآن المجيد بأن الأكثرية المطلقة من بني آدم، والكثرة الكاثرة من أهل الأرض، قد اتبعوا الباطل، وضلوا عن سواء السبيل، كما قال تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ {الأنعام:116}، وقال سبحانه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ {يوسف:103}، وقال عز من قائل: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ {الصافات:69 ـ72}، إلى غير ذلك من الآيات.
فالحق والباطل، لا يمَيَّز بينهما بكثرة الأتباع، وإنما يعرف ذلك بالدليل الصحيح، والبرهان القائم، هذا أولًا.
وثانيًا: مراعاة أثر القوة المادية، والإعلامية، والهيمنة الاقتصادية، والسياسية للدول الغربية في الدعاية للنصرانية، ورواج ثقافتها وحضارتها على الشعوب المستضعفة! وهذا أمر لا يخفى، وقد عقد ابن خلدون في مقدمته المشهورة فصلًا في أن: المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره، وزيه، ونحلته، وسائر أحواله وعوائده.
وبرغم ذلك؛ فلا يمكن أن نغفل تزايد أعداد المسلمين في العالم، ودخول كثير من علماء النصارى في الإسلام، رغم غلبة الثقافة الغربية، والحال المزرية لدول المسلمين.
وقد ألفت في ذلك عدة مؤلفات مفيدة، منها كتاب: (رحلة إيمانية مع رجال ونساء أسلموا) لعبد الرحمن محمود. وكتاب: (لماذا اعتنقنا الإسلام دينًا؟) لسفر الحمداني. وكتاب: (لماذا يسلمون؟) لمحمد خير رمضان.
ومع ذلك؛ فينبغي التأكيد على أن بعض مراكز الأبحاث الغربية تشير إلى أن الإسلام هو: الديانة الأكثر انتشارًا في العالم، وأن عدد المسلمين سيصبح هو الأكثر في منتصف هذا القرن.
والله أعلم.