عنوان الفتوى :
ما هي ماهية الدخان الذي في الآية: "ثم استوى إلى السماء وهي دخان"، هل هو بخار الماء، كما يقول المفسرون؟ وهل يتطابق ذلك مع العلم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتفسير الدخان في قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ {فصلت:11}، ببخار الماء تفسير صحيح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: وَهَذَا الدُّخَانُ هُوَ بُخَارُ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ حِينَئِذٍ مَوْجُودًا، كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَكَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ. انتهى. وقال أيضًا في الصفدية: قيل: هو البخار الذي تصاعد من الماء الذي كان عليه العرش، فإن البخار نوع من الدخان. انتهى. وقال الإمام ابن كثير في تفسيره: وهو: بخار الماء المتصاعد منه حين خلقت الأرض. انتهى. وقال العلامة السعدي: {ثُمَّ} بعد أن خلق الأرض {اسْتَوَى} أي: قصد {إِلَى} خلق {السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} قد ثار على وجه الماء. انتهى.
أما بخصوص سؤالك: وهل يتطابق ذلك مع العلم؟
فاعلم أولًا أن دِين الإسلام لا يتعارض أبدًا مع العلم الصحيح، ومن المعلوم أن البخار يسمى دخانًا إذا خالطه غيره، قال الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار: وَلِهَذَا الْمَاءِ ثَلَاثَةُ مَظَاهِرَ: أَوْسَطُهَا السَّائِلُ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْهُ الْحَيَوَانُ، وَيُسْقَى بِهِ النَّبَاتُ، وَهُوَ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي حَالِ اعْتِدَالِ الْحَرَارَةِ، فَإِذَا نَقَصَتْ إِلَى دَرَجَةٍ مُعَيَّنَةٍ، صَارَ ثَلْجًا، أَوْ جَلِيدًا، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ، صَارَ بُخَارًا، فَإِذَا كَشَفَ، سُمِّيَ ضَبَابًا وَسَدِيمًا، فَإِذَا خَالَطَهُ غَيْرُهُ، سُمِّيَ دُخَانًا. انتهى كلامه -رحمه الله-.
وجاء في لسان العرب لابن منظور: وكلُّ دخان يسطع من ماءٍ حار، فهو بُخار، وكذلك من النَّدَى. وبُخارُ الـماء: ما يرتفع منه، كالدخان. انتهى.
والله أعلم.